صدمة ما بعد الزواج

عن المشاكل التي قد تواجه الازواج الجدد

بعد الزواج مباشرة تهدء مشاعر الحب التي كانت متوهجة في فترة الخطوبة، وتنتهي الأحلام الوردية باصطدامها مع مشاكل الحياة اليومية فيما يُعرف بصدمة ما بعد الزواج..

ويدخل كلا الزوجين غالبا في فترة صدمة واكتئاب تطول وتقصر حسب وعي كلا الطرفين بأن هذه الحالة طبيعية وتحتاج فقط الى القليل من الصبر والقليل من الوعي والتفهم من أجل السير نحو زواج مثالي..

ومن المفارقات العجيبة هنا أننا نجد كلا الطرفين مذنبين وكلاهما ضحايا في الوقت نفسه، ذلك أن سقف الأحلام شُيّد شاهقا ليتجاوز الطبيعة البسيطة للشريك..

ولعل أهم أسباب الدخول في صدمة ما بعد الزواج هي عدم القدرة على التخلي عن الفردية بسهولة و الإنتقال إلى مرحلة “ضرورة التغريد داخل السرب الواحد” فيما يُعرف بالشراكة الزوجية.

ويعتبر البعض أن الزواج يسقط الأقنعة التي يتفنن الطرفان في التستر خلفها طيلة فترة التعارف والخطوبة في محاولة منهما لتقديم أفضل ما يملكانه و إخفاء عيوبهما عن الطرف الآخر، وهو ما سينكنشف لا محالة بالمعاشرة وتشارك بيت زوجية واحد فيتراجع تأثير الجمال الجسدي بفعل التعود والجنوح نحو التلقائية والبساطة أكثر..

كما أن تباين التنشئة بين الطرفين عامل قوي يجعل من الإختلاف في التصرفات ووجهات النظر أمرا حتميا، ومنه رغبة كلا الطرفين في سحب الآخر نحو نمط حياته ومن هنا يبدأ التصادم.

كما أن تعزز فكرة أن الشخص قد أصبح يعيش تحت المجهر وأنه أصبح مطالبا بتقديم تفسير لكل تصرف يقوم به من شأنه زيادة الضغط النفسي على كلا الطرفين وبالتالي جاهزيتهما للانفجار عند أقل سوء تفاهم قد يحدث بينهما.

ولا يمكن تغييب أن اختصار البعض لفكرة الزواج في العلاقة الحميمة فقط في حين يتفاجى الطرفان على حد سواء من حجم المسؤوليات التي وجب تحملها فجأة هو واحد من أهم الأسباب التي توقع الزوجين في صدمة بل ومشاكل لم تكن لتخطر على البال..

ويعتبر تصور المرأة للزواج أكثر مثالية منه عند الرجل، لذا فإن الصدمة تكون أعنف عند النساء عادة، ففي حين يُصدمُ الزوج بأن زوجته لا تشبه تلك التي يحتفظ بصورها على هاتفه المحمول بفعل عدم تعوده عليها دون مستحضرات زينة و لا “فلترات”، تصدم المرأة من خلال اكتشافها أن لا أهمية لرأيها في بناء مستقبلهما وأن زوجها غير مستعد في أغلب الأحيان الى الإصغاء لها والاخذ برأيها عدا عن تحولها لمتسولة إذ تصبح فجأة مضطرة للطلب من زوجها من أجل اقتناء مستلزماتها لا وبل اضطرارها عدا عن ذلك لتبرير حاجتها لما ستقوم باقتناءه وهو ما سيتسبب لها في أزمة نفسية متعبة.

صدمة أخرى لا تكاد تفارق عروسا في اسبوعها الأول وهي غياب الزوج المتكرر عن المنزل، فبعدما كانت تنام على أحلام أن شريكها سيعود كل يوم مباشرة من الوظيفة متلهفا لامضاء بقية يومه برفقتها، ليتمكنا من تحقيق المتعة الزوجية وتعزيز علاقتهما الروحانية والجسدية، فاذا بها تتفاجى بزوج يقضي معظم وقته رفقة أصدقائه في المقاهي و محلات السهر، وعند عودته متأخرا لا يفكر سوى في اشباع بطنه وغرائزه فحسب..

وبهذا تتحول فكرة أن المرأة ستصبح الصديق الوحيد لزوجها و بئر أسراره، حبيبته، شريكته، وأم أطفاله ، لتجد نفسها فجأة مجرد خادمة لبيته وربما ممرضة لأمه و مريبة لأبناءَ لا تعود تعرف حقا إن كانوا أبناءه أيضاً..

وعلى غرار المرأة يصاب الرجل أيضاً بخيبة أمل أياما فقط من دخوله القفص الذهبي فلا تكاد تفارق لسانه عبارة “زوجتي نكدية” ولا تكف عن الشكوى فبدل استقبالها لي بالأحضان أو على الأقل بتوفير جو هادئ وبيت مرتب وأكل شهي، أعود متعبا من الوظيفة لأجد نفسي في مواجه زوجة نكدية لا تكف عن تقديم الشكاوى وسرد التفاصيل اليومية التافهة -من وجهةنظره- في حين تراها هي أمورا بالغة الأهمية ووجب مناقشتها والاتفاق بخصوصها.. وهو ما يعجّل في جعله يفر الى خارج البيت لتمضية بقية يومه بهدوء..

من المؤكد أنه ليس ثمة هناك وصفة سحرية ينتظرها القارئ مني قبل انهاء هذا المقال عدا دعوته الى الهدوء و التريث وإدراك أن التسامح طريق لتعزيز الأمان والثقة بين الطرفين..

أُعيد واكرر ليس ثمة هناك وصفة سحرية تُطلب من عند الأهل ولا من عند الأصدقاء أيضاً.. فالعلاقات على تشابهها تختلف.. لذا من الضروري هو إبقاء أسرار العلاقة داخل جدران بيت الزوجية وتجنب المقارنة لأن الحقيقة ليست دائما ما تراه أعيننا..

لعل أهم مفاتيح الزواج الناجح هي الآذان الصاغية والحوار المبني على الثقة وإحساس كلا الطرفين بمسؤولية بعث روح جديدة كلما دق ناقوس الروتين حياتهما.

صدمة ما بعد الزواج

سلمى بن دعاس

استاذة لغة فرنسية. مهتمة بالادب.. بالترجمة و الكتابة الفلسفية كتبت رواية تحمل عنوان (عندما نشتهي..نشتري).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *