ديوان عود صوت شعري جديد

عن ديوان الشاعرة هازار محمد الدبايبة

قضت الحياة أن يكون للإنسان حاجة ملحة تجعله يحس بوجوده داخل هدا الفضاء المتسع، ولعل الحاجة إلى الشعر ضرورة فرضها تكوين الإنسان فمنذ العصر الجاهلي والقبائل العربية تفتخر بالشاعر وتعتبره الناطق الرسمي لهم فهو بطلها في السلم والحرب ,فرغم الانشغالات الإنسانية التي فرضتها الحياة يظل الإنسان بداخله صوت شعري يعبر عن ما يخالج جوانيته.

إن جوهر التحدي الذي يرافق الإنسان مند الأزل هو الكتابة والتأريخ عن طبيعة العلاقة بينه وبين الأشياء المحيطة به، مند بزوغ فجر الإنسانية فالعلاقة القائمة بين أمور عدة هي علاقة اكتشاف للحقائق ودائما الإنسان يسعى لدلك بشتى الطرق.

عن دار نشر أروقة الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، صدر للمبدعة هازار محمد الدبايبة ديوان شعر موسوم بعود، يتألف من 108 صفحة من الحجم المتوسط، ويتوسط الغلاف الأنيق صورة فنية، ويأتي الغلاف بشكل مضغوط فوق غلاف الكتاب، وبين الغلاف وعنوان الكتاب نجد اسم الشاعرة.

يتألف الديوان الشعري من عناوين متنوعة، تختلف من حيث عنوان كل واحدة، ثم من حيث حجم كل قصيدة شعرية، وما يلاحظ من خلال قراءتنا لجلها أنها تتخذ أسماء ومنها : أرق, غربة ,مفقودة, أنت الوطن, مطر, حنين, وداعا رشفة أمل …

تكتب هازار محمد الدبايبة القصيدة عن وعي يوقظ دواخلنا حيث تستشرف تجارب إنسانية عميقة ترصد من خلالها المستحيل تارة والممكن تارة أخرى، ومن مكابدة الجراح تخطف لنا أسماء مميزة لقصائد مسكونة برؤيا تفرض على المتلقي إيحاءات ودلالات متعددة يفيض بها المعنى ولعل استكناه قصيدة فرج يوحي بالكثير من المعاني الجميلة والدقيقة حيث تقول في القصيدة :
بعد سبع سنين
حين قرر الفلاح بيع أرضه القاحلة
فاجأته السنبلة.
عملت المبدعة هازار من خلال هدا المقتطف على الكشف عن وعيها الشعري حيث تسائل من خلال ذلك الكتابة في مواجهة الأمل, فالبناء النصي والمتخيل يصير عند الشاعرة حياة تعيشها ويعيشها المتلقي ,فلا يخلو النص من أسئلة معرفية تجر القارئ إلى اعتماد النبش في حواشي القصيدة إما لتأكيد حقيقة أو لتفنيدها ،تتداخل الأراضي الشعرية فيما بينها داخل الديوان الشعري فهو يزخر بحضور حيوي وملفت للانتباه للطبيعة وحيواتها حيث تقول الشاعرة في قصيدة معنونة بنزاع :

في روحي بنت من نور
تغزل في قلبي غيمة
وعجوز تتوعدها بالرعد
.

إن الهوية التي يزخر بها هذا المقطع الشعري نستشفها من خلال قراءتنا للقصيدة بأكملها فهي تكشف عن ذوبان الذات الشاعرة وحضورها رمزيا إما عبارة عن روح أو غيمة أو رعد ,ولعل ما يجعل التجربة الانسانبة أقرب إلى الواقع هو أنسنة كائنات طبيعية داخل هوية واحدة تعبر عن تخمر التجربة الشعرية للمبدعة الأردنية هازار محمد الدبابية فالبناء الشعري عند المبدعة واقع بايحاء زمني ومكاني يقوم على الانفلات من المعنى الواضح إلى ماهو أعمق حيث يضع القارئ نفسه داخل نصوص متفردة.
ترتقي تجربة الشاعرة حضورا رمزيا مفتوحا على تجارب حيث تنفلت التجربة من المباشر إلى ماهو أعمق ففي قصيدة لتنجو تحقق القصيدة حضورا رمزيا غير عادي فالشاعرة تفجر نهايات لا يشعر بها القارئ وتحقق داخله صدمة غير متوقعة ,فالموت تجربة انسانية تحضر بامتياز داخل النص الشعري حيث ينفلت الموت من استعابه العادي إلى حضور يلامس جل القصائد الموجودة داخل الديوان الشعري.

إن الشاعرة تتوغل في أسرار الكتابة عبر امتداد صفحات متعددة داخل المتخيل الشعري فتعمل تارة على مواجهة المأسات تارة ومرات كثيرة على مواجهة فائض المعنى الدقيق الذي تحكمه القصائد ,وعملت المبدعة على استعمال لغة قوية موحية تزخر بالاستعارات وتنبش عن هوية الأشياء داخل القصائد.

تكتب هازار محمد الدبابية عن حياة توقظ فينا روحا خيالية حيث يمتزج التأمل مع الحلم والزمان مع المكان في سمفونية شعرية تنبني على ايحاءات متعددة؛ وداخل هذا الاحتفال الشعري نجد حياة الشاعرة ورؤيتها للعالم حيث كل شيء ممكن وحيث تفيض القصيدة بتجارب موغلة فيما هو إنساني؛ فنجد حضورا مكثفا للشاعرة وعلاقتها بالمجهول؛ ونجد أيضا شجن الفلسفة بكل ماتحمله من معنى، حيث تناولت ديوانها وأصرت على الحفر داخل تجربة منفتحة على عوالم متعددة ؛حيث أنصتت الشاعرة للغة عبر مضايق تاريخية تعبر عن الجمال الشعري في كل القصائد نحويا؛وتركيبيا وإيقاعيا.

ديوان عود صوت شعري جديد

Exit mobile version