“نونبر حافي”.. في ذكرى رحيل شكري

قبل ستة عشرة سنة، ترك دنيا الناس ورحل ذلك الطفل الذي عارك غول الحياة وانتصر عليه؛ في هذا العالم القُزَحي كان نصيبُه اللّون الأسود من الريف ترك هو وأسرته الجوع والحجَر و هاجروا نحو العالية طنجة، بين المرفأ ودروب المدينة وبيوتها أكَلَ مِن بقايا طعام الآخرين وكاد أن يكون بنفسه لقمة تشبع جوع الآخرين.

ربما انغماسُه السريع في حياة القاع لم تدع له فسحة الفهم أن هجرته لن يكرمها ويضيفها أنصار مدنيين، عَثر أمامه على المسحوقين ممن هم على هيئته، وجد أناس عابرين مثل شهواتهم من وإلى الهامش في كل الأحول لن يرتفع من هناك اسم أحدهم أو يذيع صيته في الأفق.

اقـــــرأ أيضاً : محمّد شكري .. “صُعلوك” قلبي!

رحلتُه في القعر البئيس انتَهَتْ بحبسه في زنزانة، هناك وفي سنواته بعد عُمْر العشرين، كان قد تخرّج من مدرسة الحياة وتزوَّد بمعارف واقعية لاحصر لها، ومن خلال حروف على الجدار أدرك أن هناك حياة في مكان مختلف تلك الأحرف أوحت له بأن القاع أخيرا سينتصر باسمه، الحرمان الجوع البؤس والجنس سيتوجون سيحتفى بهم و سيصير لهم تيار أدبي في عالم الرواية المغربية والعربية والعالمية.

في ذكرى رحيله يمرُّ علينا نونبر حافي، أصدقاء له وقلّة فقط مَن تقرأ لهم ذكرى تستحضرُ مساره الأدبي الرّفيع، ذلك الطفل الذي عارَك غول الحياة وانتصر عليه، رحَل عن عالمِنا كبيرٌ بـاسمه وإرثه الروائي.

الكبير محمد شكري، انتصَر…

“نونبر حافي”.. في ذكرى رحيل شكري

Exit mobile version