تاريخ المنتخب الوطني بين الأجيال الذهبية والإخفاقات الرسمية

نجاحات وكبوات

عند كل إخفاق للمنتخب الوطني المغربي يتوحد الكل على فكرة أن لا تاريخا مجيدا لأسود الأطلس في البطولات التي يشارك فيها منذ تأسيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في خمسينيات القرن الماضي، وعلى تخييب آمال المناصرين المغاربة التي تتحول لآلام في السواد الأعظم من المشاركات؛ تلك الآمال التي تتجدد عند كل تحسن خادع في مستوى المنتخب المغربي في المباريات الودية وسرعان ما تنسف بسبب الإخفاق حتى أصبح الأخير من المسلمات التي يطَبع معها الشارع الرياضي المغربي، آخرها الإقصاء أمام المنتخب الجزائري ضمن البطولة العربية في هزيمة كان من الممكن تفاديها.

في منتصف سبعينيات القرن الماضي، تعادل المنتخب المغربي مع نظيره الغيني بهدف اللاعب “أحمد بابا” برسم كأس إفريقيا بأرض الحبشة، لكنه وبسبب النظام السائد آنداك فالتعادل كان كافيا من أجل التتويج بكأس إفريقيا الوحيدة في تاريخ المغرب في ظروف مختلفة عن كؤوس إفريقيا اللاحقة، تتويج مرت عليه عدة أجيال لم تشاهد منتخبها وهو يحمل كؤوسا إفريقية أخرى في مقابل إغناء عدة منتخبات إفريقية، اهتمت بالتكوين والعمل القاعدي، رصيدَها بعدة كؤوس في الوقت الذي يكون المنتخب المغربي من أوائل المغادرين للدور الأول بعدما يكون أبرز من يتم ترشيحه من طرف المتتبعين الرياضيين، وهو ترشيح يبدو للوهلة الأولى منطقيا نظرا للأسماء الكبيرة من اللاعبين التي تعاقبت على حمل القميص الوطني طيلة عقود وإلى حدود كتابة هذه السطور، مع تعاقب عدة أجيال أجمع المغاربة على استحقاقها التتويج بلقب على الأقل.

منتخب المغرب سنة 1986

كان جيل ميكسيكو 1986، نسبة إلى مكان تنظيم كأس العالم، أول جيل حقيقي كونه دشن تأهل المنتخبات الإفريقية والعربية إلى الدور الثاني من نهائيات كأس العالم بالمكسيك، بعد تصدره لمجموعة تضم أعتد المنتخبات العالمية آنداك وهي البرتغال، بولونيا وانجلترا قبل إقصائه في مرحلة ثمن النهائي أمام منتخب ألماني عنيد. نفس الجيل لازال إلى اليوم عند عدة متتبعين للشأن الكروي المغربي، بمثابة إحدى الصور المرجعية لما ينبغي أن يكون عليه المنتخب المغربي إلى جانب منتخبات 1998 و 2004, ولم يكتب لجيل التيمومي وبادو الزاكي التتويج ببطولة إفريقيا للأمم التي نظمها المغرب سنة 1988 بسبب خسارته أمام الكاميرون في نصف النهائي بعدما كان سقف التطلعات عاليا عند الجمهور المغربي.

انتظر المغاربة قرابة عقد من الزمن ليبزغ فجر جيل ذهبي جديد يقدم كرة قدم راقية، والذي دام تألقه في الفترة من 1995 إلى 1998 تحت قيادة المدرب الفرنسي الراحل هنري ميشيل وفشل هو الآخر في التتويج ببطولة على الأقل بعد خروجه من كأس إفريقيا سنة 1998، وهي نفس السنة التي قدم فيها زملاء مصطفى حجي وصلاح الدين بصير مستوى كبيرا بمونديال فرنسا قبل خروجه من الدور الأول بسبب ما يعتبره أغلب المغاربة المؤامرة بين منتخب البرازيل ومنتخب النرويج، وذلك موضوع آخر.

يعتبر جيل 2004 بمثابة الجيل الذي أعاد ثقة الجمهور المغربي في أسوده بعد سنوات عجاف أعقبت نهاية جيل 1998، فقدم المنتخب الذي يضم مروان الشماخ ويوسف حجي ومحمد اليعقوبي، والذي صنعه المدرب بادو الزاكي، نتائج فوق ما كان يتوقعه الشارع المغربي ووصل إلى المباراة النهائية لكأس إفريقيا بتونس 2004 التي لم يكتب له التتويج بها، ونستحضر تصريح المدرب بادو الزاكي بكون أهم أسباب ضياع الكأس هو الجمهور المغربي الذي حضر ليلة مباراة النهائي أمام البلد المضيف إلى إقامة الفريق الوطني لتحفيز اللاعبين، في وقت غير مناسب ممارسا عليهم الضغط النفسي، وفشل أيضا في التأهل لمونديال روسيا 2006 وهي نفس الفترة التي عرفت خلافات بين المدرب وأعضاء من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وبعض اللاعبين، في وقت كان يتطلب اتحاد الجميع من أجل بلوغ الهدف المنشود.

منتخب المغرب سنة 2004

للأخطاء التسييرية نسبة مهمة في إخفاقات المنتخب المغربي، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد من أغرب الأخطاء التسييرية للجامعات الملكية المتعاقبة على تدبير الشأن الكروي بالمغرب، تضييع جامعة علي الفاسي الفهري سنة كاملة في البحث عن مدرب جديد للمنتخب المغربي مما ضيع على الأسود التنافسية طيلة هده المدة، قبل التعاقد مع المدرب البلجيكي”ايريك غيريتس” كأول تجربة للأخير على صعيد تدريب المنتخبات والتدريب في القارة الإفريقية والسماح له بالبقاء رفقة فريقه الهلال السعودي إلى حين نهاية عقده مع تكليف مساعده بالنيابة عنه، ورغم البداية المشجعة للمدرب البلجيكي رفقة الأسود بالفوز على المنتخب الجزائري برباعية نظيفة إلا أن اختيار البلجيكي للقيام بمعسكر تدريبي بأوروبا للتحضير لكأس إفريقيا بالرغم من اختلاف طبيعة مناخ القارتين، جعل المنتخب المغربي يكون أول من يغادر تلك الدورة من الدور الأول.

كأغلب المباريات الحاسمة في تاريخ الأسود، وخلال الأيام القليلة التي سبقت مباراة المغرب والجزائر في البطولة العربية الأخيرة بقطر، يكفي بنقرة زر في مواقع التواصل الاجتماعي أن نلاحظ الكم الهائل من السخرية والتقليل من المنافس بالتعليقات الساخرة وال”طرولات” بغض النظر عن الخلفية السياسية للمباراة، كما إن ما لا نريد أن نستوعبه كجمهور وصناع للرأي وأجهزة إعلامية، أن تاريخنا الكروي كمنتخب ليس بالتاريخ المجيد الدي نتصور، فبطولتنا الإفريقية اليتيمة التي أحرزنا أيام كان يحتسب الفائز بها بالنقط، مرت عليها 46 سنة.

ما يجعلنا نكون من أوائل المغادرين للبطولات التي نشارك فيها هو مايسمى بالعامية “شريان لعجل” ودخول المنافسات بثوب المرشح الأول من طرف الصحافة المحلية والجمهور وحتى صحافة المنتخبات المنافسة لنا التي ترشحنا وتستصغر منتخباتها في ما يمكن تسميته ممارسة تصدير الضغط نحو المنتخب المغربي، مما يجعلنا نفوز بالمباريات قبل خوضها، وهو الأمر الذي تكرر عدة مرات ونتمنى أن لا يتكرر ونحن على بعد أيام معدودة من انطلاق كأس إفريقيا للأمم بالكاميرون.

تاريخ المنتخب الوطني بين الأجيال الذهبية والإخفاقات الرسمية

Exit mobile version