بداية الرحلة

لم أعلم وأنا أخطو خطوة إلى القاطرة أن الصدف ستلعب دورها، ولم يخطر ببالي أبدا أن ألتقي به وأتحدث معه، كأني أعرفه منذ زمن بعيد، رغم أنه سبق أن التقينا مرات ومرات، لكن لم تتوج أية اللقاءات بحوار أو حتى حديث عابر.

القطار قادم من مراكش ومتوجه إلى الرباط، أبحث عن مقعد للجلوس، للحظة سمعت شخصا ينادي باسمي، استغربت لكن ما أن التفت، حتى تشكلت على وجهي ابتسامة لا أظنه لاحظها بسبب الكمامة، الشخص الذي التقينا عدة مرات ولم نتحدث أبدا، يحادثني ويبتسم، ما إن جلست بقربه حتى تبادر الى ذهني أبيات شعرية لطيفة متحدثة عن جمالية عينيه.

لَيتَ الَّذي خَلَقَ العُيونَ…… خَلَقَ القُلوبَ الخافِقاتِ حَديدا
لَولا نَواعِسُها وَلَولا سِحرُها ……. ما وَدَّ مالِكُ قَلبِهِ لَو صيدا

صورة تعبيرية

نهار كبير هذا مني تلاقينا” الجملة التي استهل بها الحوار، خضنا الكلام بكل عفوية ولامبالاة، ساعة من الزمان عرفت فيها كل ملخص أسبوعه، عمله، سفره، أظن أن السر في التجانس كما قال، أخبرني عن تفاصيل أيامه في السفر وأهم ما كتبه في المذكرة التي لا تفارقه، أخبرني حتى عن جمالية الأماكن التي زارها وعيد الميلاد الذي احتفل به وسط الجبال والطبيعة، إضافة إلى العديد من الأمور ربما أدونها في تدوينه أخرى، قلت أني أيضا أحب السفر جدا ولدي رغبة كبيرة في التجوال وتسلق جبل توبقال، اقترح أن نسافر معا الى هذا الأخير.

لم أستطع أن أتمالك نفسي من التدقيق في ملامحه، كيف لا وهو يملك عيونا تفتن كل من يراها، كلامه الموزون والدقيق، يجعلك تركز وتنصت بكل الجوارح، ربما السبب راجع لكونه ذا أصول ريفية، ومغاربة الريف معروفون جدا بالرزانة والجمال والجدية والثبات في الكلام.

وصل القطار إلى المحطة التي سأنزل فيها، وهو سيكمل الطريق إلى وجهته، قبل النزول قدم لي قطعة من الحلويات، لأكون صادقة تلك القطعة كانت أجمل ذكرى ختمت بها سنة2021 .

بداية الرحلة

Exit mobile version