في سياق الضجة التي أثارها فيلم أصحاب ولا أعز

يجب التمييز في الانتقادات-العنيفة أحيانا-الموجهة للإنتاجات الفنية بين صنفين من الأصوات؛ صنف أول ينطلق في انتقاده من قواعد الذوق الفني بشكل عام؛ بمعنى أن النقد هنا ليس نقدا للفن في حد ذاته، ولا للمواضيع التي يمكن أن ينصب عليها الإهتمام الفني،  وإنما ما يشكل عناصر هذا النقد هي الطريقة والوسائل وزوايا النظر للموضوع، وكيفية تجسيده فنيا.

وبالتالي يمكن القول إن من ينتمي إلى هذا الصنف هم الأكثر إيمانا واهتماما ووعيا بالفن وبرسائله وأدواره، على عكس الصنف الثاني؛ الرافض بشكل قاطع للفن كفكرة في حد ذاته.

09-02-22-466504181
أبطال فيلم أصحاب ولا أعز

من منطلق ايديولوجي يرى في هذا الأخير عنصر لا ينسجم والمرجعية التي تحكم سلوك من ينتسبون إلى هذا الصنف، الذي غالبا ما يحاول أصحابه أن يصرّفُوا رفضهم للفن من خلال الاختباء وراء ادعاءات يتم تكييف مضمونها ومعاير النقد الفني، حتى يسهل عليهم الوصول إلى مبتغاهم المتمثل في تحجيم الأعمال الفنية لأكبر قدر ممكن أو على الأقل جعلها في مستوى رضاهم.

وهذا في حد ذاته إنجاز بالنسبة لهؤلاء الذين يَتغذّون على العداء للقيم الجمالية والفنية، لأنهم يرون فيها عنصر تهديد لمشروعهم القائم على الكراهية والبُغض وسلب الناس عقولهم حتى يسهل تدجينهم بمقولات أكل عليها الدهر وشرب.

وبالتالي الحذر هنا واجب، حتى لا تصير الأصوات المتصالحة مع الفن والتي تبتغي من وراء نقدها التجويد والإتقان (تكون) غطاء لمن يحاربون الفن ويريدون به وبأهله سوءا.

في سياق الضجة التي أثارها فيلم أصحاب ولا أعز

سفيان حميت

أعمل مدرس لمادة الفلسفة وباحث في الثقافات المغربية ومدون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *