رسائل إلى لا أحد – الجزء الثاني

لقراءة الجزء الأول – رسائل إلى لا أحد

“صالحت بيك أيامي
سامحت بيك الزمن..”

من الغريب أنني لم أفكر سوى بك، كلما رددت أم كلثوم هذه الأغنية على مسامعي..
لي من الرسائل الحلوة ما يملأ ذاكرتي بك، ويمنعني من النسيان
لي كل ما يحتاجه شخص يعزل نفسه عن العالم كله، خوفاً من خيبات الأمل..”الأمان”.

مرة حين غنى عبد الحليم “الأمان فعينيها.. حسيت إني عديت للأمان فعينيها..”
سمعته صدفة، وهذه المرة أيضاً لم يقفز غيرك في ذاكرتي.
عرفت حينها كيف يُختزل الحب في شخص، بضحكة، وصوت أحبه، ويستطيع رغم كل شيء أن يخلق لي جناحين، ويصغر العالم أمامي.

رسائل-إلى-لا-أحد
صورة تعبيرية

أعرف الآن أنك تتجاوز قدرتي على النسيان، حين كنت أقضي يومي دون أن أفكر بك، وأكتب لك على ورق أمزقه كلما تذكرت أنك أبعد من أن تصلك رسائلي.
أمضي يومي وأنا أقنع الطفلة داخلي أنك لست حقيقيا، وأن الأحلام تكون حلوة أحياناً..وتطول.. علها تفلت يديها منك..
ولكنني كلما خرجت، لاحَقتني .

الطفل الصغير الذي كان يحمل اسمك، أغاني أم كلثوم وعبد الحليم، كيف يعرفون أنني أعاني منك؟
درويش أيضاً كان ذلك اليوم حزينا مثلي،و يردد “كم سنة وأنا أسميك الوداع، ولا أودع غير نفسي!”
أنا كنت أسميك النسيان، ولا أنسى سوى نفسي !

إنها أشيائي التي أحب، تقف في صفك دائماً ضدي.
رسائلي، أماكني المفضلة، عزلتي وموسيقاي… كلها تختزن جزءاً منك، وتحاصرني به في كل مرة أهرب إليها منك حتى أنسى، وأمضي كأنك لم تكن.
ما الذي أفعله غير أن أقف مشدوهة أمام ما أحب، أمامك، أمام الابتلاء الجميل والوجع اللذيذ.

هناك شيء ما، طاقة أعظم من قدرتي على تخمين الأمور..ترسم طريقك، وطريقي، وبينهما هذه التشابكات التي تعيدك لي كل مرة.
متى تمتهن الغياب وتختفي للمرة الأخيرة؟
ويتوقف الشوق عن التمدد في قلبينا، وتفلت يدك مني رغم وعودنا بالبقاء..
متى تتوقف عن العودة وتقنعني أنني شخص خلق ليخسر الأشياء التي يحبها ؟

أنت كل ما تبقى لي من هذا الخراب وآخر شاهد على أنني أتشبت حتى تجرح يداي، ولا أخسر في النهاية سوى من أحب.

رسائل إلى لا أحد – الجزء الثاني

وفاء لغزاونة

طالبة هندسة و مدونة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *