إن السعادة يا سعاد!

إن السعادة يا سعادُ يدركها
ذاك الذي لم يُعادِ سَعْيَهُ الزَّمَنُ

أَما الذين كمثلي إن هُمُ عَزَموا
عاداهُمُ البَحْرُ والرياحُ والسُّفُنُ

هل كلُّ ما يَشْتَهي الحُرّ يَبْلُغُهُ؟
كلّا إذا انفَرَدَتْ بِدَرْبِهِ المِحَنُ

حَظُّ الفتى أن يُزَيِّنَ المُنى أَملًا
والجِدُّ تَنْطِقُهُ الأَقْدارُ والسُّنَنُ

لَقَدْ أَرى من يَدينُ بالهَوى زمنًا
مِيزانُه القَلْبُ لا بِغَيْرِهِ يَزِنُ

حتى إذا كَمُلَتْ حُبًّا نَقَائِصُهُ
أَفْشَى النَّقَائِصَ في أَحْلامِهِ الزَّمَنُ

إِنَّ الزَّمان لَيَعْمَى عن مَواجِعِنا
وَهْوَ الرَّقيبُ على أَحْلامِنا الفَطِنُ

فَقُلْ لِمَنْ سَلَّمَ الغَرامَ دَوْلَتَهُ
آه فَكَمْ خَرُبَتْ قَبْلَكَ المُدُنُ

وَقُلْ لِمَنْ سَلَبَتْ رَشادَهُ المُقَلُ
مِنْ لَحْظِ لَيلى سَباني قَبْلَكَ العَيَنُ

إذا انْتَمى النَّاسُ للأَحْزابِ والشيَّعِ
فَبِانْتِمائي أنا لِلْحُزْنِ أُمْتَحَنُ

تُدافِعُ المُهَجُ الأَحزانَ ما وَجَدَتْ
وَمُهْجَتي الأَهْلُ لِلأَحْزانِ وَالوَطَنُ

تَرَى البَرايا سِوايَ شُغْلُ أَمْرِهُمُ
عَيْشٌ يَكونُ لَهُمْ في طِيبِهِ السَّكَنُ

والسَّعْيُ هذا الذي رَكِبْتُ سَوْرَتَهُ
بَحْرٌ بِأَمْواجِهِ ذا القَلْبُ مُفْتَتِنُ

سَكينَتي أَنْ أَخوضَ ما فُطِرْتُ لَهُ
فَلا تَزِلُّ عَزيمَتي ولا أَهِنُ

سَكينَتي عِشْقُ ما يَهُزُّني طَرَبًا
والعُمْرُ بَعْثٌ بِمَوْتِ الخَوْفِ مُرْتَهِنُ

لَقَدْ يُخَلِّدُ إِقْدامُ الفَتَى خَبَرًا
كَما يُبيدُ تَليدَ فَخْرِهِ الجُبُنُ

والحُبُّ يا مِحْنَتي، والحُبُّ يا ليلى
يُخَلِّدُ المُخْتَفِي مِن سِرِّهِ العَلَنُ

تَئِنُّ مُهْجَةُ صَبٍّ في رُبَى الهِنْدِ
فَيُشْفِقُ الشَّامُ لِلْمسْكين واليَمَنُ

يا لَيْثُ إِنَّ المَها إلى الرَّدى سَبَبٌ
مَتى اسْتَرَقَّكُمُ خَيالُها الحَسَنُ

ومَنْ تَعَلَّقَ مِنْ عَيْنَيْكِ سِحْرَهُما
فَقَدْ تَعَلَّقَهُ الضَّلالُ والفِتَنُ

والحب إن لم يكن للموت يا ليلى
فَلا استَبَدَّ بنا مِنْ شَرْعِهِ وَثَنُ

والحُبُّ إن لَمْ يَجُدْ بالوَصْلِ يا لَيْلى
فالعاشِقون بِعَيْشِ اللَّوْعَةِ اقْتَرَنُوا

أَلَا ذَريني أَعِشْ على المُنَى عُمُري
فَمِنْ سَرابِ الأَماني حِيكَ لي الكَفَنُ

إن السعادة يا سعاد!

Exit mobile version