الغرفة الحزينة

أنا ذاك التائه بين سطور الأشجان، ذاك المحاول على مر الأيام الخروج من زوابع اللاشيء إلى كل شيء، ذاك القابع في غرفته يداعب شعر رأسه الذي شاب قبل الأوان، لربما أحبني الشيب أكثر من تلك التي ادعت حبي وما أكثرهن ادعينه هراء و بهتانا.
جدران غرفة مهترئة تعاني من جور الزمان عليها أكثر مما أعانيه منه ، نوافد بالكاد يطل الضوء منهم كأنهم عشقوا العتمة ….

ممدود فوق سرير عانى ولازال يعاني من كثرة تقلباتي قبل مجيء النوم، وكلما تقلبت يمينا أو شمالا كان يصدر صوتا حزينا كأنه يستنجد بالنوم كي يأتي لكي يرتاح مني ولو قليلا.. وسادتي تلك المسكينة التي طالما احتضنت دموعي واحتفظت بسر ضعفي ولم تخبر به أحد.

لطالما بكيت سرا خافضا صوتي الشجي ودموعي تتهاطل كشتاء يناير، كنت أضعف داخل غرفتي وأخرج قويا لأواجه هذه الحياة بكل قساوتها، دون أن أظهر ضعفي للذين أحبهم خشية أن يحزنوا لحزني وما أقلهم، والذين لا يبالون لذلك ما أكثرهم.

كم كسرتني ليالي الحزن وكم قست علي وكم أوسعتني الأيام ضربا لن أنساه ما حييت، وكم أبانت لي أيامي القاسية قيمة كل الذين كانوا حولي، فمنهم من جلس مبتسما يتفرج لهذا الحال، وآخر أخرج كل ما كان يخفيه ويكنه في دواخله من حقد ليصبه في فنجان المعاناة الذي ارتشفت منه رشفات مرارة الدنيا و الأيام.

لم أجد من الذين فتحوا صدورهم وأبواب قلوبهم إلا القليل، وحتى من أعزهم قلبي وأحبهم تركوني في أيامي السعيدة والقاسية، غابوا كغروب لم يليه شروق.. كل الدروس التي نتلقاها من هذه الدنيا هي ليست مجانية بل إن المقابل هو الكسور والجروح التي نتلقاها قبل فهم كل درس والتي تشوه دواخلنا دون أن ننتبه لذلك.

فشكرا للذين كانوا معنا في كل أيام حياتنا ولم تغيرهم لا أزمنة ولا أمكنة، وشكرا للذين لم يغيرهم لا بعد ولا قرب، شكرا للأوفياء، شكرا للصادقين، شكرا لأصحاب القلوب البيضاء التي فاق بياضها بياض الثلوج.

وشكرا لمن أبانت الأيام واقعهم، شكرا لإتقانكم دور التمثيل ولو أنكم لن تحصلوا على الأوسكار بل ستحصلون على باقة نسيان.

#رفـــيــق

 

الغرفة الحزينة

الجيلالي رفيق

طالب مجاز في الدراسات القانونية و أدرس العلوم السياسية

‫2 تعليقات

  1. كن في الدنيا عابر سبيل، و لا تأسف على غدر الزمان لطالما رقصت على جثث الاسود كلاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *