عشقتك فوق ما تتخيل

حب من نوع آخر

حالتي كل يوم

ككل ليلة عيناي ترفضان النوم وذاكرتي توافقهما الرأي، أما دماغي الأهوج يبدأ بأسئلته التعجيزية لي ككل مرة: مريم هل يا ترى ستصبحين طبيبة؟مريم ماذا سيقع في العشر سنوات المقبلة؟ مريم لماذا تعشقين الطب؟

لا جواب لدي سوى أنني أقلب وسادتي بين الفينة والأخرى باحثة عن السلام الداخلي والنوم! نعم، ذلك الضيف الذي غاب بدعوى أنني لم أعره أي اهتمام… أسرح في التفكير في سؤال هل سأصبح طبيبة يوما ما؟ فيسرع دماغي ليرسم أسوء سيناريو، ولأنني فتاة حساسة قليلا، ودون أي سابق إنذار تبدأ دموعي بالانهمار وكأنني طفل صغير لم يحصل على الشوكولاتة.

فتاة مختلفة

إنها حقا لمعادلة صعبة أن تجد فتاة عاشت طفولتها مع قناة سبيستون التي كان شعارها “قناة شباب المستقبل”، فتاة تحب أن ترقص مع قطرات المطر وتقطف زهور النرجس في الربيع وتجمع أوراق الخريف لتضعها في كتاب ذكرياتها الذي ذكرت فيه كلمة “الطب”أكثر من عشرين مرة.

فتاة لازلت تحب الرسم والغناء مع شارات سبيستون، صحيح أنني استطعت أن أعدد مواهبي لكنني وضعت حلما واحدا، لم أسمح لأي شاب أن يسكن قلبي فأنا فتاة ليس من السهل أن تقع في الحب، لكنني لا أعرف كيف وقعت في عشق الطب، أنا لا أقول أن العاطفة وحدها من تحكمني ولكن أعرف كيف أفسر الظواهر التي تقع في جسم الإنسان من وظائف أعضاء الجسم إلى نقص المعادن وآثارها.

عاشقة-الطب
صورة تعبيرية

ربما كلكم ترون كتاباتي عن الحب والعشق وكلهم بصيغة المذكر أي أنني أقصد ذكرا؛ للولهة الأولى قد تعتقد هذا وكشخص عادي لكنها شفرة خاصة بي أعبر بها عن مدى عشقي لمجال أثمن ما فيه إنقاذ أرواح الناس… أنا يستحيل أن أكتب عن حبي لشاب غريب لكني أكتب عن عشقي للطب وهوسي به. قد تقولون في قرارة أنفسكم أوليس هنالك مجالات شتى ومهن رائعة؟ سأقول لكم نعم هو كذلك ولكن كيف لشخص يعشق الطب أن يبدع في غيره؟ هل تعلمون ما معنى أن فتاة في ربيعها الثامن عشر تعشق الطب وهي على أكمل استعداد للتضحية براحتها لتحقيق حلمها الذي سكن قلبها البريء؟ صحيح أن هناك أقدارا ولكني أؤمن بأن رب الأقدار قادر على تغييرها.

إصرار من فولاذ

لأن الحياة تحتاج منا أن نستوعب أن ذلك الشخص خلق لمزاولة الطب والآخر خلق ليكون كاتبا وهكذا هي دورة الحياة، ولكن إذا كنت من أصحاب العقول الضيقة الذين يفكرون في مهنة يتقاضون فيها أكبر مبلغ فهنا دعني أخبرك بأنك ستواجه أتعس مهنة لأنك لم تختر مجالا تعشقه لأنك لو فعلت هذا كنت سوف تبدع في مهنتك ولن تشعر بضيق الوقت ولا بالملل وستكون لديك قناعة بأنك أنت من اخترت هذه المهنة وأنك تستطيع مجابهة الصعاب.

لأنه لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، وكذلك كل شيء مسموح به في الحب، فهذا الأخير ليس بالنوايا إنما بالأفعال… كلنا نعشق ونحب وننشد ونكتب ولكن قليل منا من يوفي بالعهود ويعرف مقامه، لأن لكل مقام مقال ومن غير المعقول أن نختار من لا يملك أي شغف لمجال سيدخله لأنه حتما لن يعطي أي نتيجة.

ربما كي أختم قولي هذا أريد فقط أن أقول لك أيها الطب، يا حبيبي، أنا سأختارك مهنة لي ولو بعد ألف سنة ولو مر وحال بيننا الدهر فأنا أعند منك بكثير لأنني عشقتك وأنا طفلة ذات ثلاث سنين ومراهقة ذات ست عشرة سنة وشابة ذات ثمان عشرة سنة، وسأعشقك وأنا في التسعين أيضا، رغم أنني أجزم لك أننا سنلتقي عما قريب وليس ببعيد؛ فابق يقظا لأن طبيبة المستقبل مريم قادمة لا محالة، ولأن علي أن أرسم للطب عهدا جديدا وأرسم الأمل بكوني طبيبة استثنائية.

عشقتك فوق ما تتخيل

مريم الكربة

طالبة بيولوجيا، عاشقة الطب،كاتبة و مدونة لدى منصة معاني... أهتم بالتطور الطبي والعلمي...وأحب المسرح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *