طريق الوداد الرياضي نحو كأسه السمراء الثالثة

مسار بطل

توج فريق الوداد الرياضي بلقب دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه بعد تجاوزه نادي الأهلي المصري في النهائي الذي أقيم يوم الإثنين 30 ماي بمركب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء الذي فاز بتنظيم النهائي، هدفين نظيفين حملا توقيع اللاعب زهير المترجي وجعلا من الوداد زعيما لقارة إفريقيا لهذا الموسم؛ هو تتويج لم يكن يتوقعه أكثر المتفائلين بالنظر لضعف التركيبة البشرية لوداد الأمة أمام ما توفرت عليه بعض الأندية الإفريقية التي نافست على لقب الأميرة السمراء هذا الموسم، فكيف جاء هذا التتويج؟

نهاية موسم ورحيل فوزي البنزرتي

لم يكن تتويج الوداد بلقب البطولة الاحترافية الحادي والعشرين في تاريخه موسم 2020/2021 كافيا من أجل إستمرار التونسي فوزي البنزرتي في قيادة مستودع ملابس الوداد، فجماهير الأخير لم تكن راضية عن طريقة ضياع لقب دوري أبطال إفريقيا للموسم نفسه بإقصائه في دور النصف أمام نادي كايزر الجنوب أفريقي، فتسيير التونسي للقاء كان كارثيا حسب أغلب الجماهير الودادية، بخسارة مباراة الذهاب بمركب محمد الخامس والتعادل السلبي بجنوب إفريقيا.
رحل فوزي البنزرتي عن تدريب النادي الأحمر وبدأت ترشيحات المدربين لخلافته.

وليد الركراكي مدرب فريق الوداد الرياضي

التعاقد مع وليد الرݣراݣي، رحيل الركائز، والمنع من الإنتدابات

قام سعيد الناصيري رئيس الوداد الرياضي بتلبية مطلب أنصار النادي، وهو المطلب الذي بدأ قبل مواسم بتعيين وليد الركراكي المدرب السابق للفتح الرباطي والعائد من تجربة ناجحة مع نادي الدحيل القطري الذي فاز معه بلقب دوري نجوم قطر، على رأس النادي الأكثر تتويجا بالمغرب.

وجد وليد الرݣراگي أمامه فريقا مشتتا برحيل أبرز ركائزه، فكان اللاعب محمد أوناجم الذي عاد لناديه الزمالك المصري بعدما كان معارا أول المغادرين للنادي كما غادر أيوب الكعبي صوب الدوري التركي، قبل أن يغادر وليد الكرتي هو الآخر إلى بيراميدز المصري بعدما خاض المباريات الأولى رفقة الوداد في البطولة الاحترافية للموسم الجاري.

في أول تصريح له بعد تسلمه مفاتيح قيادة الوداد الرياضي، أكد المدرب وليد الركراكي أنه سيكتفي بالتركيبة البشرية المتاحة له وسيعمل على إعادة الثقة للعديد من اللاعبين وعلى رأسهم بديع أووك و زهير المترجي، معربا عن متمنياته بحسم صفقات من شأنها أن تعطي الإضافة للفريق.

أمام تفاوض الرئيس سعيد الناصري مع من يريد المدرب الركراكي استقطابهم من لاعبين، اصطدم بما لم يكن في الحسبان، حيث توصل بإشعار من الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) مفاده منع الفريق الأحمر من الانتدابات بسبب عدم تأديته لمستحقات لاعبه السابق الليبيري ويليام جيبور وعدة لاعبين آخرين، ليتقرر رسميا بدء الموسم بما هو متاح وبتركيية بشرية فقيرة بسبب عدم تعويض الركائز.

الانتصارات ب”البركة”

حقق نادي الوداد الرياضي انتصارات متتالية في منافسات البطولة الاحترافية محطما بذلك أرقاما قياسية على مستوى عدد انتصارات الفرق المغربية المتتالية في أولى مباريات البطولة، مع تسجيل هداف الفريق الكونغولي “مبينزا” في مباريات متتالية.
في مختلف خرجات وليد الركراكي الإعلامية في الندوات التي تعقب المباريات، كان يؤكد أن الفريق الأحمر لا يفوز سوى بالبركة ودعوات الوالدين، وذلك ردا على الانتقادات التي تطال الفريق بسبب عدم رقي الأداء لمستوى التطلعات، وفي إشارة منه أيضا إلى كون الفريق يقدم المطلوب منه ولا يخرج عن سكة الانتصارات.

تعادلات وهزائم، بداية مرحلة الشك

بعد البداية الصاروخية في البطولة الوطنية لكرة القدم، جاءت فترة عرف فيها الفريق الأحمر نتائج متذبذبة وضعيفة، فكانت مباراة الفتح الرباطي التي خسرها الوداد بثلاثية لهدف مع تقديم أداء ضعيف بمثابة ناقوس الخطر، وبدأت تظهر النتائج الحتمية لعدم القيام بالإنتدابات.

على المستوى الإفريقي، وصل الوداد لدور المجموعات وفاز في أولى مبارياته بنفس الدور دون إقناع أمام نادي ساغرادا الأنغولي قبل أن يعود بالهزيمة من ميدان بيترو أتلتيكو الأنغولي مع استمرار الأداء الباهت، وفي ظل استمرار النتائج السلبية والأداء غير المشرف، عبر المدرب وليد الركراكي عن حاجته الملحة إلى عودة الجمهور الودادي إلى الملاعب بعد سنتين من الغياب لمساعدة فريقه للعودة إلى سكة الإنتصارات، خصوصا وأنه كان مقبلا على مبارتين مصيريتين أمام الزمالك المصري.

عودة الجمهور إلى الملاعب، وبداية فصل جديد

إعترف وليد الركراكي خلال مروره بأحد البرامج الإذاعية بعد تتويج الوداد بلقب دوري أبطال إفريقيا، بفقدانه الأمل بعد تسجيل الزمالك للهدف الأول في قلب مركب محمد الخامس لكن الجمهور أعاد الأمل للفريق بطريقة تشجيعه الخيالية لينتصر الوداد بثلاثية.

قبل مباراة الزمالك المصري بساعات قررت السلطات المغربية السماح للجماهير في جل الملاعب المغربية بالعودة لمناصرة فرقها، وعليه كانت مباراة الوداد ضد الزمالك أول مباراة تعرف عودة الجمهور إلى الملعب بعد غيابه لمدة موسمين بسبب الإجراءات الإحترازية ضد فيروس كوفيد 19، فكانت عودة الجماهير دافعا قويا لكتيبة وليد الركراكي من أكل البصم على انطلاقة أخرى في منافسات دوري أبطال إفريقيا، بحيث كرس التفوق على نادي الزمالك بالقاهرة بهدف لصفر ثم انتصر بالدار البيضاء على نادي بيترو اتلتيكو العنيد وفاز عليه بخمسة أهداف لهدف واحد ليختم رحلته في دور المجموعات بفوز خارج القواعد أمام ساغرادا، مؤكدا تأهله باستحقاق لدور ربع نهائي أمجد المسابقات الإفريقية.

تيفو “إكسير الحياة” لفصيل الوينرز

إكسير الحياة وغزاة إفريقيا، الوينرز تبدع والوداد تواصل الملاحم

كان فوز الوداد على نادي شباب بلوزداد الجزائري بميدان الأخير بهدف لصف ضمن دور ربع النهائي، تكريسا لأرقام فريدة من نوعها هذا الموسم بتحقيق الوداد انتصارات متتالية خارج ميدانه بالأدغال الإفريقية، وهو الأمر الذي لم يتحقق في تاريخ الفريق، بحيث فاز خارج ميدانه على الزمالك ثم ساغرادا ثم شباب بلوزداد.

إبداع فصيل “وينرز” المساند لوداد الأمة لم يقتصر على التشجيع، بل تعداه إلى رسم لوحات إعجازية بالمدرجات، فكان تيفو “إكسير الحياة” الذي رفعه جمهور الوداد قبل بداية المباراة أمام شباب بلوزداد الجزائري بمثابة تدشين لعهد جديد بعد غياب طويل عن رفع التيفوهات بسبب منع الجماهير من ولوج الملاعب، التيفو الذي قام بتكريم لدار محمد بنجلون مؤسس الوداد الرياضي، نفس الدار التي شهدت مراسيم تأسيس النادي.

تأهل فريق الوداد الرياضي إلى المربع الذهبي لدوري أبطال إفريقيا ليواجه نادي بيترو الأنغولي الذي سبق وأن واجهه في دور المجموعات، وفاز عليه في ميدانه بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، وفي مباراة العودة بالدار البيضاء تعادلا بهدف لمثله، مباراة شهدت رفع “وينرز” لتيفو “غزاة إفريقيا”، عبارة لا يمكن أن تكون إلا وصفا لما أنجزه الفريق من صولات و جولات في أدغال إفريقيا في السنوات الأخيرة، وبتجاوزه بيترو اتلتيكو الأنغولي تأهل الوداد إلى المباراة النهائية الخامسة في تاريخه والثالثة في الخمس سنوات الأخيرة في تجسيد حرفي لمضمون التيفو.

إختيار مركب محمد الخامس مسرحا للنهائي

بعد ترشح رسمي لكل من ملعب عبد الله واد بالسنغال ومركب محمد الخامس بالمغرب لاستضافة النهائي، فاز الأخير بالتصويت للسنة الثانية على التوالي منذ اعتماد نظام المباراة النهائية الواحدة، لكن قرار إسناد تنظيم النهائي للمغرب لم يرق للطرف الثاني في النهائي فقام مسؤولي الأهلي المصري بالاعتراض على القرار عبر عدة بلاغات.

تيفو “غزاة القارة” لفصيل الوينرز

أمام استنكار مسؤولي الأهلي اختيار ملعب محمد الخامس مسرحا للنهائي، وتأكيد الإتحاد الافريقي لكرة القدم أن القرار جاء بشكل ديمقراطي ورفض المحكمة الرياضية طعن الأهلي المصري في القرار، اختار الوداد الرياضي الاستعداد في هدوء للمباراة النهائية في مركز محمد السادس بالمعمورة، وكان وليد الركراكي يحاول قدر المستطاع في تصريحاته الصحفية إبعاد الضغط عن فريقه بتأكيده أن الوداد ليس مرشحا للتتويج أمام فريق كبير ومتمرس من حجم الأهلي.

يوم المباراة..الوداد غزاة إفريقيا قولا وفعلا

دخل وليد الركراكي المباراة النهائية أمام الأهلي المصري بنفس التشكيلة التي خاضت معه المباريات الإفريقية منذ دور ماقبل المجموعات، مع تسجيل عودة زهير المترجي من الإصابة وإقحامه في التشكيلة الأساسية.

لم يكن أشد المتفائلين يتوقع أن يكون دخول الوداد في المباراة بتلك الطريقة القوية، فبعد تسديدة مبينزا التي حالت العارضة بينها وبين الهدف، جاء هدف زهير المترجي الصاروخي في مرمى محمد الشناوي، ليعلن تقدم الوداد في النتيجة منذ دقائق المباراة الأولى، قبل أن يعود نفس اللاعب في بداية الشوط الثاني لتسجيل الهدف الثاني للوداد الذي أعطى للفريق فرصة مناقشة باقي أطوار اللقاء بأريحية تامة.

زهير المترجي، صانع أفراح المغاربة

محاولات الأهلي المصري لم تكن بتلك الخطورة مع يقظة الدفاع الودادي، فقد استبسل أشرف داري و أمين فرحان في الدفاع عن مرمى الوداد في واحدة من أفضل مبارياتهما كثنائي دفاعي، كما تصدى الحارس أحمد التكناوتي لمحاولات الأهلي للتسجيل أبرزها إنفراد مهاجم الأهلي بيرسي طاو.

انتهت المباراة النهائية، وانتهى معها انتظار الجماهير الودادية والمغربية عامة للكأس السمراء التي ظل حلم الفوز بها مؤجلا منذ فضيحة رادس الشهيرة قبل ثلاث مواسم.

فرحة مستحقة للجميع

توج الوداد بعصبته الثالثة في تاريخه والثانية في الخمس مواسم الأخيرة، وأهدى للمغرب كأسا غالية معلنا بداية الاحتفالات التي انطلقت من المدينة القديمة معقل الفريق الأحمر لتليها الاحتفالات بباقي المدن المغربية.

أكد وليد الركراكي بتتويجه الإعجازي أن العمل الجاد والإيمان بالذات يصنع المعجزات، فلا أحد كان يتوقع تتويج الوداد بتركيبته البشرية الفقيرة مقارنة مع منافسيه، وقياسا مع ما كان يتوفر عليه الوداد الموسم الماضي.

وليد الركراكي قال قبل التتويج وبعده أن الوداد أصبحت عائلة وليس مجرد فريق، مرددا عبارته الشهيرة والتي أصبحت مؤخرا شعارا للوداديين في وجه كل منتقدي الفريق “كاينة عندك الصح”.

طريق الوداد الرياضي نحو كأسه السمراء الثالثة

Exit mobile version