إفريقيا الأطلسية – أي دور للأقاليم الجنوبية المغربية في تعزيز مجال حيوي جديد؟

حددت ديباجة دستور 2011 الإطار العام للدبلوماسية المغربية ودوائر تحركات الخارجية المغربية في ارتباطها بالعمق الإفريقي كأحد ثوابت الدبلوماسية المغربية ، وحددت محور فلسفتها ؛ بتقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية ، لاسيما مع بلدان الساحل وجنوب الصحراء ، وتقوية التعاون جنوب – جنوب(1) ، ويحتل التوجه الإفريقي مكانة متميزة في توجهات الفاعل الدبلوماسي المغربي ، ويعززها الارتباط التاريخي والحضاري بدول جنوب الصحراء ، والمساهمة في إطار التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف.
تنطلق هذه الورقة بافتراض أن الاهتمام المغربي بالتعاون والشراكة مع الدول الأطلسية يتقاطع واستراتيجية تأهيل الأقاليم الجنوبية كمدار محوري رابط بين المغرب وبلدان إفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي ، لتعزيز التعاون مع دولها على قاعدة شراكة مثمرة ترتكز على المصالح المشتركة ، مما سيؤهل الأقاليم الجنوبية كمحور أساسي لتعزيز التنمية المحلية ، وكقطب جهوي بين الفضاء الغربي الأفريقي الأطلسي والفضاء الصحراوي لتعزيز التعاون مع إفريقيا جنوب الصحراء ، وتعزيز البعد الإفريقي للأقاليم الجنوبية .
جعل المغرب قضية الصحراء محورا لعلاقاته بمحيطه الخارجي ، وتحددت محوريتها بإفريقيا في سياقها التاريخي ؛ إذ ساهم الاعتراف بجبهة البوليساريو داخل منظمة الوحدة الإفريقية(2) ، في انسحاب المغرب من المنظمة ، ليواصل معركة دبلوماسية خارج أروقتها لأجل سحب الاعتراف بها ، وبعد سنوات طويلة ، شكلت العودة للاتحاد الإفريقي تتويجا للإستراتيجية الجديدة للتعاون المغربي- الإفريقي ، وهو ما يتجلى من خلال عقد أول اجتماع وزاري لدول “إفريقيا الأطلسية” ، في 8 يونيو 2022 بالعاصمة المغربية الرباط ، وسط مشاركة 21 من إجمالي 23 بلدا مطلا على المحيط الأطلسي ، مهد هذا الاجتماع الطريق لهيكلة هذا الفضاء الإفريقي الذي يتمتع بموقع جغرافي مميز وإمكانات وموارد متعددة(3) .
عرف الاجتماع مشاركة 21 بلدا مطلا على الواجهة الأطلسية ، بينها 15 بلدا ممثلا على المستوى الوزاري ، وتمحورت أشغاله حول ثلاثة مواضيع تتعلق بـ “الحوار السياسي والأمن والسلامة ، والاقتصاد الأزرق والربط ، والبيئة والطاقة“(4) .
إن التحرك الجماعي لمجموعة من الدول تشكل 46 في المائة من سكان أفريقيا ، و55 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأفريقي ، واقتصاديات تحقق 57 في المائة من التجارة القارية(5) ، إذا ما قرأناه من منظور المناطقية في العلاقات الدولية ، فإننا سنجد أنفسنا أمام فضاء جيو سياسي جديد في العلاقات الدولية(6) ؛ هذا الفضاء سيخلق هوية استراتيجية جديدة في المنطقة، وبالتالي فالمغرب قدم فضاء لتقدم أفريقيا الأطلسية الموحدة ، وهو ما يؤكد هيكلة منطقة تنموية جديدة وفضاء جيو سياسي جديد في العلاقات الدولية .

المراجع:
(1)- الفقرة الرابعة من تصدير دستور 2011 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص 3608.
(2)- في شهر فبراير من سنة 1982 وخلال الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية الافارقة المنعقد في أديس أبابا بإثيوبيا، تم الإعلان عن قَبول طلب “جبهة البوليساريو” كعضو كامل العضوية في منظمة الوحدة الافريقية بعد موافقة 26 دولة من الأعضاء لتصبح بذلك العضو الواحد والخمسين في منظمة الوحدة الإفريقية.
المزيد من المعلومات، راجع: “سياسة المغرب الإفريقية وتأثيرها على نزاع الصحراء” مركز الجزيرة للدراسات، على الرابط:
https://studies.aljazeera.net/en/node/4235#a1
(3) – وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج: “إعلان الرباط المعتمد في ختام الاجتماع الوزاري الأول للدول الإفريقية الأطلسية”، بتاريخ الأربعاء 08 يونيو 2022.
رابط الإعلان على الموقع الإلكتروني للوزارة: https://www.diplomatie.ma/ar
(4)- المرجع نفسه.
(5)- إحصائيات وردت في كلمة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج (ناصر بوريطة) أثناء الاجتماع الوزاري الأول للدول الإفريقية الأطلسية بالرباط.
(6)- المنار السليمي (عبد الرحيم): “المنار السليمي يقدم قراءة في أهداف الاجتماع الوزاري الأول لدول أفريقيا الأطلسية”، حوار على ميدي 1 تيفي، بتاريخ: 08 يونيو 2022. على الرابط: https://youtu.be/QrucK0RkFIA

Exit mobile version