محطة تاريخية كبرى لاستحضار المكتسبات والمنجزات

ذكرى استرجاع وادي الذهب

يشكل تخليد الذكرى الثالثة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب المجاهد محطة وطنية بارزة اكدت التعلق المثين للشعب المغربي، بأهداب العرش العلوي المجيد. فهذه الذكرى تعد لبنة من لبنات الإخلاص في تقديم البيعة، وتعبيرا على التعبئة المستمرة، خدمة للقضية الوطنية.
ذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب عنوان بارز على مغربية الصحراء، وانتصار لقيم الوطنية والنضال، من أجل تدعيم مسار استكمال استقلال المغرب،وصيانة الوحدة الترابية والوطنية، وعدم تفريط المغاربة قمة وقاعدة في هويتهم التي ترتكز على الثوابت النبيلة.
ذكرى استرجاع وادي الذهب، إشراقة جديدة في تاريخ النضال الوطني والمقاومة المغربية الشريفة،إنها درس في التلاحم، وصدق الوطنية، بل أكثر من ذلك تلامس القيم الكبرى التي تنتصر للوحدة والأمن والاستقرار والإخلاص للثوابت الوطنية.
لذلك، يتجدد استحضار 14 غشت من عام 1979 في الذاكرة الوطنية باعتبارها محطة مفصلية في تاريخ المغرب، جسدت عمق الروابط التاريخية المتينة بين المغاربة قاطبة في شمال المغرب وجنوبه.
وفي ذلك، تأكيد للعلاقات التاريخية التي تؤكدها وتبرهنها الوثائق والظهائر الشريفة بشأن مغربية الصحراء، التي كانت على الدوام حاضرة في كفاح المغرب في كل جهاته ومناطقه، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
ولعل تجليات هذا الحدث التاريخي البارز ، هي المواقف الوطنية التي أبان عنها المغاربة من خلال وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، ومن خلال الخطاب التاريخي لجلالة المغفور له محمد الخامس بطنجة سنة 1947، وثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953، واستقلال المغرب سنة 1956، والمسيرة الخضراء المظفرة عام 1975، واسترجاع مدينة طرفاية سنة 1958، وسيدي إيفني سنة 1969، وأقاليم العيون وبوجدور والسمارة (الساقية الحمراء) سنة 1975.
نضال متواصل تشكل ذكرى 14 غشت فصلا من فصوله الكفاحية، التي وضعت حدا للاحتلال الإسباني للأقاليم الجنوبية التي استرجعت على فترات.
لذلك، ومن أجل ذلك، تبقى ذكرى استرجاع وادي الذهب راسخة في نفوس المغاربة عامة وأبناء وساكنة جهة الداخلة وادي الذهب بإقليميها وادي الذهب وأوسرد خاصة، من خلال تجديد بيعتهم للمغفور له الملك الحسن الثاني بالرباط يوم 14 غشت 1979، بوفد هام من فعاليات وازنة، يتقدمه العلماء والأعيان وممثلو وشيوخ مختلف القبائل الصحراوية، جسدوا موقفهم الحاسم، بروح وطنية عالية على أن أبناء هذه الربوع الغالية متشبثون بالوحدة الترابية في إطار السيادة الوطنية، كما دأب على ذلك أباؤهم وأجدادهم، وفاء لقيم وشرعية البيعة التاريخية لملوك المغرب.
وخلال هذا الاستقبال الملكي، خاطب جلالة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه وفد إقليم وادي الذهب المجاهد بالقول التاريخي “إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة، فمنذ اليوم بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر“.
وبعد شهور قام المغفور جلالة الملك الحسن الثاني بزيارة تاريخية إلى مدينة الداخلة، حيث تم نظيم مراسيم حفل الولاء.
واليوم، وبعد مرور 43 سنة على استرجاع وادي الذهب إلى حظيرة الوطن، تعيش جهة الاخلة وادي الذهب، بإقليميها وادي الذهب وأوسرد، على غرار كافة جهات المغرب نهضة تنموية وحداثية هامة، على إيقاع مشاريع عملاقة، تواكب الرؤية الملكية السديدة الطموحة إلى جعل الاقاليم الجنوبية عامة وجهة الداخلة وادي الذهب على وجه الخصوص، قاطرة نموذجية، وقطبا اقتصاديا رائدا على المستوى الوطني والقاري والدولي.
مكتسبات تنموية تصاحبها منجزات دبلوماسية تمثلت في افتتاح العديد من القنصليات لدول شقيقة وصديقة للمغرب في أقاليمه الجنوبية، بلغت إلى اليوم 26 قنصلية عامة 14 منها بمدينة الداخلة، و12 بمدينة العيون.
إقامة هذه الثمثيليات الدبلوماسية لهذه الدول يدعم المقترح المغربي الجاد للحكم الذاتي تحت سيادته، ويعزز حقوق المغرب المشروعة في صحرائه، ويشجع فرص الاستثمار بين هذه الدول في إطار معادلة رابح – رابح.
و يحق لنا كمغاربة استحضار هذه المحطة الوضاءة المتوهجة، بأجواء حماسية وتعبئة دائمة مستمرة، لنظل جنودا مجندين وراء عاهل البلاد المفدى،جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، مستحضرين يوم 14غشت1979، حين شمر أعيان ووجهاء وعلماء وشيوخ إقليم وادي الذهب، متوجهين إلى الرباط، من أجل تأكيد، وتجديد البيعة والولاء، في حضرة صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني رحمه.
وفي هذا، انتصار لقيم الوطنية النبيلة.
ومنذ ذلك الحين إلى هذا اليوم، يتواصل مسار تحقيق المكتسبات والمنجزات التنموية والانتصارات الدبلوماسية الباهرة لصالح القضية الوطنية، اعترافات متزايدة للعديد من الدول بمغربية الصحراء، وبالإقرار المتواصل للمقترح المغربي الجاد للحكم الذاتي تحت سيادته، الذي عرف استحسنا دوليا واسعا، مواقف تاريخية حاسمة اكدتها دول وازنة كالولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا.
أكيد ان الدينامية المتجددة للاوراش والمشاريع المهيكلة المتعددة بجهة الداخلة وادي الذهب، عززت موقعها كقطب اقتصادي بان تصبح قطبا فاعلا بين المغرب وعمقه الإفريقي، وهو ما من شأنه أن يعزز الدينامية الاجتماعية والاستثمارية للجهة ويدعم التشغيل وفرص التنمية.
فميناء الداخلة الاطلسي سيعمل على إحدات منطقة لوجستية صناعية تتسم بالتبادل التجاري وتثمين قطاع الصيد البحري.
كما أن الطريق البري السريع تيزنيت الداخلة عبر العيون، بالإضافة إلى إقامة منطقتين متطورتين للتوزيع والتجارة في المعبر الحدودي الكركرات، ومركز بئر كندوز ، وربط الجهة بالشبكة الوطنية للكهرباء، وتحلية مياه البحر من اجل ري 5000 هكتار في منطقة الداخلة، وأوراش الطاقات المتجددة، والمشاريع المتنوعة في مختلف المجالات التي تدخل في إطار النموذج التنموي الخاص بالاقاليم الجنوبية، ستؤهل جهة الداخلة وادي الذهب لتعزيز مكانتها كموقع اقتصادي على المستويين الوطني والقاري.
وكخلاصة، يأتي تخليد ذكرى استرجاع وادي الذهب لهذا العام في خضم هذه المكتسبات المحققة سواء على الصعيدين الاممي والدولي، بفضل التوجيهات الملكية النيرة ومؤازرة كل مكونات الشعب المغربي في إطار من التعبئة الوطنية الشاملة لصيانة مقومات الوحدة الترابية والوطنية يتحلى بها المغاربة بصفة مبدأية مع قضيتهم الوطنية الأولى، التي يعتبرونها مصيرية وأولوية الاولويات.
وفي الختام، لتحصين هذه المكتسبات وتعزيزها، لا بد من مواصلة المزيد من التعبئة الشاملة للتعريف بعدالة ومشروعية القضية الوطنية.

محطة تاريخية كبرى لاستحضار المكتسبات والمنجزات

Exit mobile version