لا أريد الزواج

زواج القاصرات

تقول: لقد كنت طفلة حين قرروا زواجي من رجل يقرب أبي في السن،ربما قرين أمي، لأن هذه الأخيرة لم تسلم هي الأخرى من زواج القاصرات أيضاً؛ فحسب ما كانت تقول لي فقد أنجبتني وهي إبنة السادسة عشر ربيعا، لم تكن لدي فكرة مسبقة عن الزواج عكس المدرسة التي كنت أتخيل نفسي وأنا قاضية في المحكمة وأنا أرفض الموافقة عن التضحية بأحلام فتاة أخرى قاصر من أجل الزواج؛ كل هذه الأحلام التي رسمتها ضربها مجتمعي وتفكير عائلتي الرجعي عرض الحائط ولأنني فتاة يجب أن أتقبل واقع المجتمع وأحترم رغبة قبيلة ترى بأن الزواج والانجاب أعظم إنجاز.

تزوجت وكان علي الإستيقاظ في الصباح الباكر لاعداد وجبة الفطور وإنهاء أشغال البيت التي وضعت على عاتقي وأنا طفلة لازلت تريد أن تنام وتشرب الحليب بالشكولاتة كنت أريد أن أقفز مثل قريناتي وأن ألعب بالطين وأن أقطف شقائق النعمان التي تشبه إلى حد ما وجنتي هكذا كانت تقول لي جدتي، لم يكن يجب علي التصرف كطفلة، فلقد كانت أم زوجي (حماتي)توصيني بعدم القفز والهرولة خصوصاً في فترة حملي، كنت أتساءل كيف لفتاة أن تنجب طفلا وهي لا زالت طفلة؟!

بصراحة بالغة كنت أتمنى أن أنجب ولداً وليس بنتاً، ليس لشيء سوى لأنني خشيت عليها أن تمر من نفس التجربة التي مررت بها، لم أرد أن تتحطم أحلامها.
لم يكن ألم المخاض موجع كما كان مخاض إجهاض أحلام فتاة وإغتصاب طفولتها، لكنني سعدت كثيراً لانجاب طفل على الأقل لن يتعرض للضغط كما تتعرض الفتاة؛ لأن القطار لا يذهب عن الشاب ولو وصل الخمسين من عمره عكس الفتاة،فقد يدهشهم أن تبلغي السابع عشرة وأنت لم تتزوجي وتنجبي.

كنت أبدو وأنا ألاعب طفلي كأي أم تلاعب طفلها، ولكن في الحقيقة كنت أحاول أن أشبع طفولة الطفلة المنكسرة بداخلي، لم يكن شيئاً هيناً لقد كان صعبا للغاية، أن تحاول طفلة إعطاء الحب والإهتمام لإبنها، نفس الإهتمام الذي لم تحظى هي به في طفولتها التي كانت عبارة عن قفزة نوعية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الأمومة(الشباب).

صورة تعبيرية عن زواج القاصرات

لطالما تبادر إلى ذهني كيف يستطيع المجتمع أن يكون قاسيا لهذه الدرجة على طفلة أقصى أحلامها غرفة ملونة بالزهري و لعبة مكونة من أميرة وفنجان شاي،كيف يحولون نصف المجتمع (المرأة)إلى عدم، إنها نفس المرأة التي اوصى بها خير خلق الله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال:”أوصيكم بالنساء خيراً”.

لست الوحيدة التي تعرضت لزواج القاصرات أنا واحدة من الآلاف إن لم يكن الملايين، ولكنني الوحيدة التي أردت أن يسمع لصرختي دوي(صوت قوي)، وأن أكون عبرة ودرسا قاسيا لمجتمع لا يفرق بين طفلة وامرأة.

لا أريد الزواج

مريم الكربة

طالبة بيولوجيا، عاشقة الطب،كاتبة و مدونة لدى منصة معاني... أهتم بالتطور الطبي والعلمي...وأحب المسرح

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *