ثقافة القمع والعنف في المجتمع المغربي

تربى الكائن المغربي منذ نعومة أظفاره في ثقافة يسود فيها العنف والقمع، فيتعلم الطفل في المراحل الأولى من حياته هذه الثقافة من أسرته الصغيرة، فتجد الأب حين يأمر ابنه بأن يفعل شيئا ما يهدده، بقوله إن لم تفعل كذا، سأضربك.. وإذا لم يفعل الإبن ما أمره به والده، يتعرض للضرب أحيانا وللشتم أحيانا أخرى، فكيف نريد من شخص تربى في أحضان ثقافة القمع والعنف منذ صغره، أن يصبح مواطنا صالحا وإنسانا أخلاقيا؟

وحينما يأتي التلميذ إلى المدرسة، يأتي وقد ترسخت في نفسه ثقافة القمع والعنف بحيث أنه لا يحترم إلا من يقمعه ويهينه ويعنفه ( العنف قد يكون ماديا أو رمزيا)، لذلك تجده لا يحترم إلا الأستاذ الذي يهينه أو يحتقره أمام زملائه، أو يمارس عليه عنفا ماديا، فيجد الأستاذ نفسه بين نارين( أي يجد نفسه في مفارقة عجيبة)، فإذا قام بقمع التلاميذ، لن يستفيدوا أي شيء من الدروس التي يقدمها لهم، لأنهم سيكرهونه، ولا يمكنك أن تستفيد وتتعلم من أي إنسان تكرهه، فما بالك بالأستاذ الذي يدرسك!

أما إذا اختار الخيار الثاني؛ أي أن يحسن معاملتهم ويتعامل معهم بلطف. فإنهم لن يكفوا عن إثارة الشغب والضوضاء في القسم، وبالتالي يستحيل في ظل هذا الوضع أن يستوعب التلاميذ الدروس.

لازلت أذكر عندما كنت أدرس في السنة الأولى ثانوي، فكانت تدرسنا أستاذة في مادة الفلسفة صارمة جدا، وكان معظم التلاميذ (هذا إن لم يكن كلهم ) يكرهون طريقة تعاملها معهم، وأغلبهم لم يستفيدوا من دروسها شيئا، بسبب أنها كانت تقمع التلاميذ وتجعلهم يشعرون وكأنهم في سجن وليس في قسم. فحدث ذات مرة أن صرخت في وجهنا قائلة: ” أرى الكره في أعينكم، لماذا تكرهونني؟ ” قلت لها في نفسي حينها، ” كيف تريدين منا أن لا نكرهك وانت تتعاملين معنا وكأننا في ثكنة عسكرية وليس في قسم”.

إن ثقافة القمع والعنف متجذرة في مجتمعنا المغربي، ومن الصعب استئصالها، بل قد يكون من المستحيل، فتجد في هذا المجتمع المريض أن الناس لا يحترمون إلا الإنسان الذي يقمعهم، أما الذي يحترمهم ويعاملهم بلطف فيحتقرونه ويهينونه، لأنهم ببساطة تربوا منذ صغرهم على ثقافة أنه يجب عليهم احترام الآخر ليس لأنه إنسان، بل خوفا من العقاب.
إن ثقافة القمع والخوف من العقاب لا يمكن أبدا أن تنتج إنسانا صالحا أو مواطنا صالحا، بل ستنتج إنسان منافق، لا يحترم القانون إلا إذا كان هناك ضغط خارجي يمارس عليه، وبمجرد أن تسنح له الفرصة بأن يخرق القانون فإنه لن يتردد لحظة واحدة في خرقه.

محمد الطالبي

حاصل على الإجازة وكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *