التطور العلمي سيؤدي حتما إلى إلغاء الحرية الفردية

سيؤدي التطور العلمي حتما إلى إلغاء الحرية الفردية، وقد بدأت معالم هذه السيطرة الصامتة تتضح جليا من خلال هذا النظام العالمي الحديث الذي يشهد اليوم تغيرات جذرية على جميع المستويات الإقتصادية والسياسية والسوسيو إجتماعية، هذا ما عبر عنه بيري لندن في كتابه behavior control.
فالإنسان اليوم في خضم كل هذه المصائب والمشاكل التي تلحق به تباعا، بدءا من جائحة كورونا التي زادت من حدة الفوارق والتفاوتات الإجتماعية، الى الحرب مابين موسكو والغرب أو كما أفضل أن أسميها ( الحاجة إلى الإنهيار )، والتي من المرتقب أن يليها إنهيار إقتصادي في مجموعة من البلدان جراء التضخم، لبناء نظام إقتصادي جديد أكثر تحكما وسلبا لحرية الشعوب، وهو ما يسمى بالعملات الرقمية للبنك المركزي (CBDC)، ونحتاج أيضا أن نتذكر ما قاله Thomas Jefferson حول البنوك المركزية بأنها ستسلب يوما ما أحد أهم مكاسبنا، حريتنا وإستقلالنا، كما أنها تعد أخطر من الجيوش، إذ لايكلف الأمر شيئا إلا قليلا من البحث على الأنترنت وربط الأحداث والتطورات ببعضها البعض حتى تخلص لهذه المسألة، فكما تعلمون فالشعور بالشك والغموض هو الإحساس السائد في هذه المرحلة.
عبر عقود من الزمن إكتشف أصحاب القرار بهذا العالم، أن شخصية الإنسان الكامنة داخله مبنية على التناقضات، لذا هذا بالضبط ما هاجموه فينا، عبر وسائل الإتصال الجماهيري، بحيث تم تنقيحها بتقنيات الدعاية المسمومة، حتى أصبح من المستحيل الإختباء من الإعتداء البصري اللفضي المستمرين على العقل، ثم نموت، نموت ونحن مقتنعون تماما بأن ثمة شئ خاطئ في تفكيرنا، لانه ومن اجل ترويض الانسان الى النمط المرغوب فيه، كان لا بد من احضار كل الضحايا الى نقطة حيث يفقدون فيها شغفهم وثقتهم بنفسهم، وهو ما يحصل مع أغلب سكان العالم اليوم، يتشابهون كما لو أنهم صنعوا في مختبر واحد، يركضون وراء الجسد المثالي والماركات العالمية، يمكنك أيضا أن تجد الأطفال مدمنين على مشاهدة التلفزيون، يتناولون طعاما معلبا رخيصا… في غياب تام لمراقبة الآباء المشغولين بالعمل ليصبحو شيئا لشخص آخر، ولا احد يفعل شيئا حيال ذلك، كانهم مخدرون وعاجزون كليا على الانتفاض في وجه هذا العالم الحديث.
من قال لك انك حر؟ فالحديث عن الحرية في هذا العصر ليست سوى وسيلة أخرى لخداعك، توفي أناس كثر بالانتحار، أكثر مما خلفته الحرب العالمية الثانية من خسائر، تعبيرا عن رفضهم لهذا الواقع البئيس، في حين أن آخرين يفضلون الهروب من خلال إدمان الجنس والمخدرات والكحول وغيرها من الملذات الإصطناعية التي لاتقاوم.
كانت الثورة الصناعية كارثة على البشرية بحيث كان من المفترض ان تحررنا التكنولوجيا، لكنها لم تفعل ذلك، فأصبحنا اليوم اكثر محدودية واكثر تقييدا من ذي قبل،أنظر الى نفسك، تحولت من إنسان كان سيد قراره،إلى إنسان آلة، يلهث وراء أشياء لا قيمة لها في الحقيقة؛المكانة،المال المناصب، الترقية، السيارات، المنازل، شهرة في وسائل التواصل الاجتماعي لحصد المزيد من اللايكات وكأن هوية الإنسان أصبحت تستقى من على هذه المنصات المليئة بالتفاهات، والتي تم ضبطها بالعلاج بالصدمات ونضريات علم النفس، حتى أصبح البشر مجرد وعاء فارغ في الجهاز الاجتماعي، محرومين من الإستقلالية والكرامة والحرية، حتى غدوا مجرد رقم، مجرد نوتة على البيانو خاصتهم، وحتى لو كنت عازفا ماهرا فهم لايريدونك أن تعزف نوتاتك لوحدك…لقد إختفى الإنسان ذاتي التفكير.
لذا فالطبيعة الرجعية التي تختبئ داخل هذا النهج المشيئ للإنسان واضحة تماما، فحلمها هو إنشاء طبقة عاملة بلا وعي، بحيث لايمكن أن تفكر في نفسها، لاتجادل ولا تعبر عن رأي…لأن التكنولوجيا الحديثة تعلم الإنسان كيف يتحدث كيف يفكر أمام العالم الذي ينظر اليه، وان لا ياخذ وقتا للتفكير فالتكنولوجيا تغريه لكي يسقط أمام عجلاتها،وإن إتخذ نمطا مغايرا عن المعتاد والبديهي سيصبح رجعيا ومتخلفا، أو ربما سيتهم بالجنون.
إن الشعور بالوحدة وهدم الحنان وروابط الصداقة، هو الخطاب الذي أصبحو يشجعونه، كما كانو يفعلون للأسرى في السجون ومعسكرات الإعتقال النازية بحيث كان ( الحراس يشجعون هذا الإرتياب، وافترضوا باستمرار على أن لا أحد يهتم بهم، ولاأحد يشعر بالقلق إزاء ما كان يحدث لهم وكانوا يقولون للسجين بإستمرار:
أنت وحيد ولايعرف أصدقاؤك في الخارج ما إذا كنت على قيد الحياة أم لا ولم يكن رفاقك من السجناء يهتمون بذلك. وهكذا، فإن كل توقعات المستقبل قد قتلت، وأصبح عدم اليقين الناتج عن ذلك اليأس غير محتمل …)
وهو مايؤدي غالبا إلى الإنهيار، إنهيار الدفاعات النفسية عند الإنسان، ويمكنك عندئذ أن تفعل به ماتشاء، وتمرر عليه إديولوجيتك وخطتك بسهولة.
إن التحدي اليوم صعب، ويجب التصدي له، على الأقل بإدراك قواعد اللعبة التي تحاك في الحجرات المغلوقة، وإن كان لديك إيمان قوي فهذا هو الوقت المناسب لإختباره…تحت الضغط….

المراجع :
https://www.forbes.com/sites/robertlenzner/2011/11/06/thomas-jefferson-warned-the-nation-about-the-power-of-the-banks/?sh=19713bba2b18
جوست ابراهام ميرلو ، اغتصاب العقل سيكولوجيا التحكم في الفكر وتشويه العقل وغسل الدماغ ، الناشر: تموز للطباعة والنشر والتوزيع ، صفحة 114

التطور العلمي سيؤدي حتما إلى إلغاء الحرية الفردية

Exit mobile version