ارتفاع جديد في أسعار المحروقات بالمغرب

هل يُحيي احتقانا اجتماعيا مجددا؟

الغازوال والبنزين يعاودان الصعود

يوجد مثل مغربي شائع يقال لمن يرجو تخفيف المشاكل فإذا بها تتزايد وتتكاثر، يقول “ما حْدْ الدجاجة تْقاقي وْ هي تزيد فالبيض”، وهذا المثل ينطبق على وضع المواطنين المغاربة -أو لنقل الغالبية العظمى منهم- في ظل ارتفاع أسعار الوقود، الذي صار من المواضيع التي تقلق الشعب، والحديث عن “الزيادة في الأسعار” من القضايا التي تثير غضب الصغير والكبير في البلاد.

ولقد شهدنا في الآونة الأخيرة زيادات متكررة في الأسعار على كل المستويات وعلى جميع السلع تقريبا، وفي ظل هذا الوضع المتأزم توجه جل المواطنين بأصابع الاتهام إلى الحكومة وعبروا عن استيائهم وسخطهم بإطلاق هاشتاغ “أخنوش إرحل”، حيث بلغ معدلا قياسيا من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي.

اليوم، و بعد أن انخفض سعر المحروقات في بداية الشهر بمعدلات محرجة (أقل من درهم)، يعود جدل ارتفاع سعر المحروقات إلى الواجهة من جديد، بحيث استيقظ المغاربة يوم الاثنين 17 أكتوبر، على خبر ارتفاع سعر الغازوال مرة أخرى، إذ لم يسلم المغرب من الأزمة التي طالت مجموعة من دول العالم في ظل ندرة وافتقار المحروقات إثر التقلبات الدولية والصراع الروسي-الأوكراني، بحيث ارتفع سعر مادة الغازوال بحوالي درهم ونصف (1.62 للتر الواحد)، بينما ازداد ثمن مادة البنزين بمعدل 0.75 درهما.

كاريكاتير تعبيري

“ما قدو فيل زادوه فيلة”

وكما كان متوقعا، أثار خبر الزيادة هذا سخطا لدى الجميع، ومن الواضح أن هذا الارتفاع سوف يُحيي النار من جديد وسيعيدنا لاحتقان اجتماعي، وسَتُمتلئُ منصات التواصل الاجتماعي بالأسئلة الكبرى المتعلقة بأزمة المحروقات وتدابير الحكومة المغربية لتخفيف العبء على المواطن المغربي البسيط، وتساؤلات أخرى متعلقة بتسقيف الأسعار وتخفيض الضرائب عند الاستيراد على المواد الأساسية -والتي من ضمنها المحروقات-، ثم لماذا أثمنة المحروقات بالمغرب تباع بأثمنة مرتفعة مقارنة بدول لها نفس وضعية المغرب في حاجتها إلى استيراد المحروقات (تونس، مصر، موريتانيا، السنغال…)؟ ومن المستفيد من فرض هذه الأثمنة؟ أين دور الحكومة في حماية القدرة الشرائية للمواطن؟ ما مصير الوضع الاقتصادي للدولة؟ وما الرؤية تمتلكها الحكومة لضمان السلم الاجتماعي في ظل هذه الزيادات؟ وهل تمتلك رؤية أصلا؟

إن هذا الاستمرار في “لهيب الأثمنة”، والذي يقابله “جمود تدابير الحكومة”، خلف سابقا انتقادات واسعة لدى عموم المواطنين، فالجميع يتساءل لماذا ينخفض سعر النفط على المستوى العالمي ولا ننال نحن حظنا من هذا التراجع؟ أم أن الأمر له علاقة بتداخل السلطة بالثروة؟ هل نحن ضحايا لفئة من “تجار الأزمات” الذين يستغلون وضعية الاضطرابات والحروب للاغتناء وتكديس الأموال على حساب جيوبنا الفارغة، والذين جعلوا المصلحة الخاصة أولوية على حساب المصلحة العامة؟ ثم ما مصير توقف المصفاة المغربية للبترول “سامير“، الشركة الوحيدة بالمغرب المختصة بتصفية وتكرير البترول؟ لماذا لم تستأنف عملها منذ سنة 2015 وأين دور الدولة/السلطة في حل مشكلة الشركة وتخليصنا من هيمنة اللوبيات على سوق توزيع المحروقات؟ إلى متى سنبقى تحت سيطرة قلة محتكرة تفعل بمصيرنا ما تريد ومتى تشاء؟… كل هذه الأسئلة التي تم طرحها سابقا من طرف الرأي العام، سيعاد الحديث عنها، وسيتجدد النقاش حولها، وسيتم عرضها بقوة، وكلما زاد الوضع تأزما زادت حدة ودرجة الاحتقان الاجتماعي.

تقارير على الورق، وأين التطبيق؟

ويذكر أن مجلس المنافسة في تقريره حول المحروقات لسنة 2022 قد انتقد هوامش ربح شركات التوزيع واتهمها بإبطال المنافسة، وقد أورد المجلس معطيات تتحدث عن زيادات قياسية في هامش ربح شركات التوزيع بين سنتي 2020 و 2021 تجاوزت بذلك سقف درهم واحد للتر. كما اقترح المجلس الوطني إقرار ضريبة استثنائية على أرباح الشركات وتخصيصها لدعم المشاريع الاجتماعية للدولة، مؤكدا أن هذه الضريبة من شأنها أن تضع اللجام لجشع الشركات وأن تعيد هوامش الربح إلى أصلها المنطقي دون زيادات، بحيث تساير انخفاض الأسعار على المستوى الدولي وتطبقها في السوق الوطنية مما يساهم في تفعيل المنافسة وتنشيطها.

ارتفاع جديد في أسعار المحروقات بالمغرب

وسيم الفائق

مدون مغربي، مهتم بالعلوم الاجتماعية.

تعليق واحد

  1. أحسنت صديقي القول ، لكن للأسف ليس هناك تجاوب أو مناظرة بين الحكومة والرأي العام ؟! لذلك من الصعب الوصول لنتيجة ، وهذا بالضبط ما يجعل الوضع أكثر سوءا و تطاول الحكومة في إرتفاع نسبة الأسعار أكثر فأكثر …؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *