النبش في الأصول لإشباع الفضول، في سرد روايات الكهول – الجزء الأول

قصة قصيرة

-الجزء الأول-

“ما لا تدونه الأقلام، يطاله النسيان، وفي تمحيص الروايات الشفهية يكمن السر والبرهان”

لطالما تعودت على زيارة عائلتي كلما سنحت لي الفرصة لفعل ذلك، في إحدى البوادي التي تنتمي لإقليم الصويرة، وفي كل زيارة كنت أستمتع بمحاورة وممازحة جدتي لكونها تمدني بمعلومات وأحداث مهمة وشيقة عن تاريخ العائلة خصوصا منها المتعلقة بعائلتي من أمي، دون أن أنكر أنه وفي بعض الأحيان فهي تفاجئني بمعلومات قيمة ودقيقة عن عائلة والدي الذي كانت تعتبره إبان حياته بمثابة ابنها البكر، محاولة أن تعوضه عن الحرمان الذي طاله منذ صغره من حنان وعطف أمه البيولوجية التي وافتها المنية قبل أن يصل لعمر يستطيع فيه ذهنه حفظ وتذكر ملامحها واستشعار دفئ أحضانها.

لم يكسب والدي ود حماته صدفة وقليل هم من دخلوا واحتلوا لهم مكانة في قلبها، فهي صارمة حتى في الأمور الشخصية ولا تهب عطفها وحنانها لأي كان، لكن والدي تمكن من كسب ودها وفرض نفسه في حياتها بفضل شخصيته العصامية، وسمعته الطيبة لدى جميع من يعرفونه، كذلك نظرا للأحداث التي عاشها وعايشها خلال مختلف مراحل حياته..

أعتبر جدتي أحد أصدق مصادر المعلومات التاريخية للأصول، لا لشيء سوى لكونها أكبر معمرة في العائلة في الوقت الراهن، حيث يتجاوز عمرها مائة سنة بقليل، والذي زاد من ثقتي في الحكايات والأحداث التي تسردها لي هو ذاكرتها القوية واهتمامها بسرد أدق تفاصيل الماضي، ولن أنكر بأنني حاولت اختبارها غير ما مرة كي أمتحنها وأتأكد من صدق ما تقوله، حيث كنت أحاول أن أكرر وأطرح عليها نفس الأسئلة بطرق متنوعة وفي أوقات مختلفة، محاولا بذلك استغلال عاملي الوقت وطريقة صياغة وطرح السؤال بغية زعزعتها، فإن كانت قصصها نابعة من وحي خيالها فإجاباتها بالكاد لن تكون متطابقة، إلا أنه وبعد العديد من المحاولات، يمكنني وصف كلامها وحكاياتها بمقولة “يا جبل ما يهزك ريح” حيث كانت كل أقاويلها متطابقة لا يطالها التعديل، وهكذا أقنعتني بصدق كل ما سبق وحكته لي، ما جعلني أكف عن المراوغات وآخد ما تقوله دون تشكيك في صحته، وإن حدث وشككت فإنني أطلب المزيد من الشروحات التي من شأنها رفع اللبس وتوضيح الصورة بشكل أكبر في مخيلتي..
وبالاضافة إلى كل ما تم ذكره، تعتبر جدتي المولود البكر في أسرتها، ما مكنها من احتلال مكانة مرموقة في محيطها، ومن باب الإحترام والوقار يناديها إخوتها وأخواتها ب “لالة عائشة”، كما أنها قد عايشت أكبر المعمرين من أسلافها، بدءا ببعض أجدادها و وصولا عند والديها اللذان توفيا عن عمر يتجاوز القرن بقليل، وهذا ما يجعل منها أحد المصادر التاريخية المميزة والفريدة بالنسبة لي ولباقي الأحفاد المهتمين بمعرفة تاريخ الأجداد، ونظرا لجديتها وفطنتها فقد كانت المفضلة لدى والديها بين كل إخوتها وأخواتها التسعة، خصوصا والدها الذي كان يعاملها معاملة الإبنة المدللة، لذلك كانت تلازمه، وكان يعتبرها بمثابة صندوقه الأسود الذي يكنز فيه أسراره ويحفظ فيه سجلات مغامراته التي يسرد ويفصح فيها عن صولاته وجولاته وتاريخ أسلافه في قرى ومدن سوس حاحا والشياظمة..

عائشة بنت محمد أوسوس بن مبارك بن بيهي ن تراميت، هكذا تجيب جدتي في كل مرة أسألها عن نسبها.. فتجيبني مفتخرة بأبيها السيد محمد أوسوس الذي وافته المنية قبل حوالي عقدين إلا نيف من الزمن. تحكي جدتي عن مغامراتها رفقة أبيها وإخوتها وأخواتها، وصولاتهم وجولاتهم في مختلف بقاع الأراضي الواقعة بين سوس الجنوبية وشمالي الصويرة، حيث أنها رأت النور في منطقة بونعمان قبيلة أيت براييم جنوبي مدينة تيزنيت، هناك نشأت وترعرعت وعاشت طفولتها وبعضا من شبابها إلى أن اضطرتها الأقدار رفقة أسرتها للسفر والاستقرار للعيش في منطقة تسمى قوس مسݣينة بمدينة الصويرة فيها اشتغل الأب محمد أوسوس تاجرا في المواد الغذائية، بعدها استقروا لبضع سنوات في منطقة عين لحجر التابعة إداريا لحد درا، وقتها كان يعمل رب الأسرة فلاحا وكسابا يتجار في الخضروات والأنعام.. بعدها عرض عليه حماه السيد علي إيزضي أن يعود ليشتغل معه في قرية تسمى أيت جوجݣل، تحكي جدتي أن عائلة جدها السيد علي إيزضي كانت وقتها عائلة ميسورة ذات مال وجاه، وقد كان السيد محمد أوسوس في بدايات شبابه يعمل خماسا لصالح العائلة يحرث الأرض ويسقي الحرث، يرعى الماشية ويكنس الروث، ونظرا للصدق والتفاني والشخصية المحترمة والخصال الحميدة التي كانت تميزه كغيره من أبناء سوس العالمة، فقد ارتأى السيد علي إيزضي أن يزوجه ابنته السيدة إيجة إيزضي، تطبيقا للمثل الشعبي الذي يقول “اخطب لابنتك، ولا تخطب لإبنك”، وكأن إلحاحه بذلك يمنح الثقة التامة والعمياء لصهره السوسي، كيف لا وقد زوجه فلذة كبده ومنحه حق تسيير ممتلكات العائلة من رؤوس أنعام وقطعان أغنام وجنان أجشار الزيتون والأرݣان، وأراضي فلاحية فدان ينطح فدان.

بعد مد وجزر وحل وترحال في مختلف بوادي ومداشر ومدن سوس وإقليم الصويرة بحثا عن حياة مطمئنة هنيئة ولقمة عيش سائغة، صادف أن قد بلغ التعب والوهن من السيد علي إيزضي مبلغه، نظرا لكبر سنه، لذلك ارتأى أن يعرض على ابنته وزوجها العودة لقرية أيت جوجݣل والاستقرار فيها والتكلف بتسيير الشؤون الفلاحية والزراعية للعائلة والحفاظ على ممتلكاتها، وبما أن قرية أيت جوجݣل هي مسقط رأس السيدة “إيجة” ونظرا لتعلقها بعائلتها والحنين الذي يشدها لموطن أهلها وذويها فقد أقنعت زوجها بالتنقل والعيش في هذه القرية الصغيرة التي تبعد بحوالي ثلاثين كلم عن مدينة الصويرة، هناك استقروا إلى أن وافتهم المنية مطلع القرن الحادي والعشرين، رغم بعض الصعوبات التي كانوا يواجهونها مع أحد أفراد العائلة، الذي كان سليط اللسان، قاسي الطباع، وكان يعتبرهم بمثابة منافسين سيحجبون عنه إرث جزء مهم من ممتلكات عائلة إيزضي، ولم يهنؤوا منه ومن متاعبه إلا بعد وفاته متأثرا بمرض السرطان الذي كان ينخر جسده. في هذه القرية اشتغل جدي محمد أسوس في الفلاحة وتربية الماشية، وبهذه المهنة تمكن من تربية تسعة من أبنائه، عائشة، مخلوف، الحسين، فاظمة، الحسن، مبارك، العربي، زهرة، وفاطمة،.. بعضهم قد غادرنا إلى دار البقاء منذ سنين خلت..،والآخرون انتشروا واستقروا في مدن وبوادي سوس وحاحا؛
وعندما بلغت جدتي السيدة عائشة السن القانوني للزواج، تقدم ابن خالتها وطلب يدها، وافقت، لكن وبسبب بعض المشاكل العائلية لم تكتمل قصة زواجهما وانتهت بالفراق، تقول جدتي أن أثر طليقها اختفى مباشرة بعد الخروج من المحكمة التي نطقت بأبغض أحكام الحلال، ولم يلحظ له أثر إلى غاية يومنا هذا.. وهناك من يقول أنه قد شوهد في فترة ما في مدينة تيزنيت.، وتشك جدتي في أن هناك من ذوي النفوس الخبيثة والشريرة من تجرأ ولجأ للقيام بأعمال شيطانية ميتافيزيقية قصد العبث بمصيرها ومصير زوجها ونجح في سعيه الرامي للتفريق بينهما.. بعد قصة الزواج هاته التي لم يكتب لها النجاح، تلقت جدتي عرضا آخر من طرف رجل يدعى محمد أمهلي والذي ينحذر من منطقة تمزوغين بدوار تاݣراݣرا الذي يبعد بكيلومترات قليلة عن دوار أيت جوجݣل، وافقت جدتي على العرض وانتقلت للعيش رفقة زوجها الجديد بالدوار السالف ذكره، كان السيد محمد أمهلي بدوره طليقا عن زوجة تقول جدتي أنها كانت تعاني إعاقة حركية على مستوى الأطراف ما جعلها تفقد القدرة على المشي بشكل سوي، ونظرا لصعوبة الحياة في البادية والالتزامات الكبيرة التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا، ارتأى الرجل أن يعاود الكرة ويجرب حظه مرة أخرى ويبحث لنفسه عن أنيسة وشريكة تعينه على متطلبات الحياة البدوية، وتنجب له ذرية من شأنها أن توفر لهما العناية عندما يشيخان ويبلغ الوهن مبلغه وتخونهما قدراتهما البدنية، كذلك من أجل الحفاظ على استمرارية شموخ الإسم العائلي في الدوار..

ينتمي السيد محمد أمهلي لعائلة متواضعة اتخدت منطقة تيمزوغين موطنا لها، كانوا معروفين بهدوئهم وطيبوبتهم وابتعادهم عن كل ما من شأنه أن يسبب لهم ازعاجا وسوء فهم مع باقي سكان الدوار، يعملون في صمت، لا يسمع لهم صوت وكأنهم غير موجودين، على عكس عائلة تراميت المعروف أفرادها بالتمرد والإنفعال وسرعة الغضب و “النفس الحارة”، هذه الخصال جعلت الزوجة الجديدة تجد لنفسها وبسرعة مكانة متميزة في منزلها الجديد، وكانت الماسكة بزمام أمور الأسرة نظرا لفطنتها وشخصيتها القوية.
ورث محمد أمهلي خصاله الحميدة عن أسلافه وورث معها حرفة تعينه على توفير قوت يومه، توارث أفراد العائلة صناعة الفخار، كانوا معروفين بهذه الصناعة نظرا لطبيعة التربة التي تتميز بها المنطقة التي يعيشون فيها، حيث أنها توفر لهم أجود أنواع الطين الصالح لصناعة الأواني الفخارية.. ولاتزال بقايا وآثار الأواني التي كانوا يصنعونها شاهدة إلى يومنا هذا على هذه الحرفة التقليدية التي توارثتها وتميزت بها عائلة إمهلاي..
استطاع الزوجان تكوين أسرة مطمئنة هادئة، ومع الوقت بدأت جدتي تتخلى عن بعض من سماتها البيولوجية المتسمة بالصرامة وسرعة الإنفعال، وبدأت تتعلم وتكتسب بعض الهدوء من زوجها ومن باقي أفراد عائلته.. كيف لها أن تقاوم وتتمسك بطباعها الموروثة، وبيئتها لم تكن تساعدها على ذلك، بل على النقيض كانت بعيدة كل البعد عن كل ما من شأنه أن يثير حفيظتها، ويساهم في تحريك وإيقاظ جيناتها الإنفعالية..
أنجب الزوجان ثلاثة أبناء، كان أولهم ذكرا اختاروا له من الأسماء عبد الله، أما الثاني فقد استنشق الأكسجين وزفره لبضعة أيام فقط واكتفى، والمولود الثالث أمي،.. فاطّْنة بنت محمد بن محمد أمهلي .. كان جدي يحمل نفس اسم أبيه نظرا لوفاة والده وهو لا يزال جنينا في بطن أمه..

ذات ليلة من ليالي الخريف المكفهر جوها والبارد طقسها، كنت أجلس رفقة أمي وجدتي في إحدى غرف المنزل، نتبادل أطراف الحديث ونحاول إضفاء جو دافئ بهيج ينسي الجدة الذكريات الحزينة التي عاشتها في ماضيها الذي ما فتئت تستحضره وتتغنى به، وترثي شبابها الفاني، ولسان حالها يردد مغزى البيت الشعري الشهير الذي يتمنى فيه صاحبه عودة مرحلة الشباب في عز أيام الشيخوخة، وقتها كنت أحاول جاهدا أن أجر لسان جدتي وأعرف المزيد من المعطيات والمعلومات التي قد تقودني لمعرفة المزيد عن أنتربولوجيا أجدادي، إلا أنني أجدها عاجزة عن مدي بالمزيد من المعلومات، ما جعلني أذهب في سياق الحديث إلى أن أسألها عن أصل وسبب تسميتهم العائلية ب “تراميت”، هنا كان الجواب بمثابة مربط الفرس الذي كنت أبحث عنه لمعرفة سر التركيبة الجينية التي يحملها بعض من أفراد العائلة، فكان جوابها أن كان أحد الأسلاف متزوجا بامرأة أجنبية، مستشهدة على ذلك بمقولة كانت قد سمعتها من أبيها حين نطق وقال “أزور ناغ يرعي د وين إيرومين”، أي أن عرق عائلتنا مختلط مع عرق رومي، والرومي في العامية المغربية هو الأجنبي الذي يحمل صفات بيولوجية مختلفة عما هو مألوف في المجتمعات العربية والإفريقية، كالعيون الملونة، الشعر الأشقر، البشرة البيضاء … إلخ
أنجب الزوجان طفلا أسمياه ابراهيم، وبما أنهم كانوا يعيشون في منطقة سكانها أمازيغ “شلوح” فقد كانوا ينادونه ب “بيهي” اختصارا وتصغيرا لاسم ابراهيم، وكان سكان المنطقة يلقبونه ب “بيهي ن تروميت” أي “بيهي ابن الرومية”، ونظرا للسلطة الذكورية السائدة آنذاك، فقد كان الأسلاف لا يحبذون حمل الأسماء المؤنثة، ما دفعهم لإجراء بعض التعديلات الخفيفة على الإسم ليتحول من تَرُوميت إلى ترَّميت.. ومع توالي السنين وبقدرة قادر وفعلة فاعل، تمت إظافة ألف مدٍّ أمام حرف الراء ليصبح اللقب بعد ذلك ترَّاميت، حركة بسيطة وتغيير طفيف كان كفيلا لطمس المعالم الأولى التي كانت السبب في ظهور هذا اللقب، وكانت ستحجب عنا معلومات قيمة ما كنا لنعرفها لولا جدتنا التي شرحت لنا وساعدتنا في تحليل أحداث الماضي، ولولاها لساد الغموض ما يكتنفنا من فضول، ولضلت تساؤلاتنا حبيسة لخيالنا وتفكيرنا مصاحبة لنا ما حيينا..
ورغم كل الشكوك التي انتابتني وأنا أسمع ما تبوح به جدتي إلا أنني بين الفينة والأخرى أقطع الشك باليقين خصوصا عندما ألمح الصفات الجينية الظاهرة على ملامح العديد من أفراد العائلة المحيطين بي، فهذه السمات حسب رأيي كفيلة لتؤكد إلى حد ما صحة ما تتلقفه مسامعي مما تبوح به جدتي..
وبالتتبع الزمني لتاريخ العائلة سنجد أن سبعة أجيال هي التي تناوبت على نقل حليلاتها من الرومية إلى الأجيال الحالية، وإذا افترضنا أن معدل عدد السنوات الفاصلة بين كل جيل وجيل هو عشرون سنة، سنجد أن أول تزاوج واختلاط الأجناس بين جدنا السوسي وجدتنا الأجنبية ربما يكون قد وقع قبل حوالي قرن وأربعين سنة من الزمن تقريبا، وبعد البحث في تاريخ منطقة بونعمان و دوار آيت براييم وقبائل سوس التي تعتبر الموطن الأصلي لعائلة تراميت أو تروميت، سنجد أن المنطقة كانت محط أطماع كل من اسبانيا وفرنسا وكذلك ألمانيا، إلا أن اسبانيا هي التي نجحت في بسط نفوذها واستغلال المنطقة لعقود عديدة،.. هذا دون نسيان الطائفة اليهودية وباقي الشعوب الذين سبقوا الأوربيين لغزو واستيطان المنطقة والعيش فيها والتعايش مع سكانها الأصليين لأزمنة مديدة وقرون عديدة،. فمن تكون وما أصل هذه السيدة التي نجحت في توريث أليلاتها وأليلات أسلافها لسبعة أجيال متتالية من سلالتها والرقم مرشح للإرتفاع نظرا للعدد الكبير والمتنوع في أحفاد الجيل السادس وأبناء الجيل السابع،.
لعل تنوع الأجناس التي تعاقبت على العيش في المنطقة يجعل مهمة تحديد جنس السلف الأجنبي صعبة تكاد تلامس المستحيل.. ومع ذلك سنستمر في تحليل المعطيات والمعلومات التي سنستخلصها من باقي أفراد العائلة خصوصا منهم المعمرين والكبار في السن علنا نجد “رأس الخيط” الذي قد يقودنا للتحديد الدقيق لأصل الخليط الجيني المكون للدي إن آي الذي تحتضنه أجسادنا..

هذا مسمار يبدو أننا قد دققناه “طرقناه” في نعش بعض الصفات البيولوجية التي نحملها والتي حيرتنا لسنوات عديدة، والذي من خلاله عرفنا بعضا من الأحداث التاريخية والمسببات العشوائية التي تصادفت ليلتقي أسلافنا ويستمروا في التكاثر والتوالد إلى غاية الوصول لمرحلة ظهورنا حاملين بذلك مشعل ومسؤولية نقل وتوريث جينات عرقنا للأجيال المقبلة من أجل المساهمة ولو بمقدار هين في المحافظة على الجنس البشري، هذا دون أن ننسى ضرورة التذكير والتأكيد على أن هذه الجينات التي ورثناها كان لها دور كبير في تحديد طبيعتنا البيولوجية، النفسية والجسدية، وبالتالي فقد كان لها لا محالة تأثير على أفكارنا وأفعالنا و ردود أفعالنا، ما ساهم بشكل كبير في تحديد المسار الذي سلكناه والمسارات التي سنسلكها وسيسلكها الخلف في مستقبل الأزمنة،.
كما أننا لن نكتفي بهذا القدر من النبش، بل سنتجه للتعمق في أصول وتاريخ باقي الأجداد وسنستمر في دق باقي المسامير في نعش أنتروبولوجيا سلالتنا بغية أخد فكرة شاملة تشبع الفضول الذي ينتابنا فيما يخص كرونولوجيا الأحداث وخليط السلالات التي ساهمت في مجيئنا وظهورنا على خشبة هذه المسرحية الكونية الوجودية.

وفي انتظار ما ستجود به الأيام من معطيات ومعلومات، نتمنى أن تستمر شمعة الكتابة في نشر نورها في ظلمات وسراديب ذواتنا، هذا النور الذي لاحظت خُفوتَهُ في الآونة الأخيرة لأسباب أجهلها.. إلى ذلكم الحين دمتم لأليلاتكم مورثين، وعلى جنسكم البشري محافظين، وتحية مسبقة لخَلَفِنا من البنات والبنين.
..يتبع

الحسين أوطالب

موظف في قطاع الصيد البحري تقني في الصناعة الغذائية طالب جامعي القانون خاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *