من هو أيوبا سليمان جالو؟

شخصية إفريقية مسلمة بارزة

أتناول في هذا المقال قصة البطل أيوب سليمان ديالو، الذي ولد سنة 1701م ،في شرق دولة السنغال في افريقيا، ونشأ وسط أسرة مسلمة متدينة ، حرصت على أن يحفظ القران الكريم كاملا في سن لم يتجاوز 15سنة ودرس أيضا المذهب المالكي، وفي السن 30سنة، خرج للاشتغال مع والده في تجارة الرقيق، حيث كان له دور كبير جدا في بيع أبناء بلده الى الأجانب، فشاء القدر أن يعيش الأب نفس المعاناة بسبب تعرض ابنه لاختطاف من قبل تجار العبيد أخرين، وأن يذوق من نفس الكأس التي تجرعها أبناء بلده على يده.
وحلقت لحيته وشعره ليبدو كأنه أسير حرب، وليس مختطف، وبالتالي يسهل بيعه كعبد، وثم وضعه على السفينة ونقله الى أمريكا الشمالية عبر المحيط الأطلسي، ليصل في النهاية إلى مدينة أنابوليس بولايات ماريلاند الأمريكية، حيث تم بيعه لإحدى العائلات الأمريكية للعمل في مزرعة تبغ.

كان يقوم مالك المزرعة بالسخرية منه وإهانته وكذلك قدفه بالقاذورات بسبب تشبثه بدينه، كل هذه الأفعال دفعته للهروب من هذه العائلة، لكن هروبه لم يكلل بالنجاح، لأنه سرعان ما تم القبض عليه وإدخاله الى السجن، حيث صادف محامي إنجليزي يدعى “توماس بلويت” الذي أعجب بتدين أيوب وبذكائه وذاكرته القوية، وشجعه على كتابة رسالة الى أبيه في افريقيا وبالفعل وبمساعدة المحامي توماس تم ارسال الخطاب عبر بريطانيا، فكتب رسالة باللغة العربية إلى أبيه يشرح فيها صعوبة الظروف التي يمر بها والالام والعنصرية التي تعرض لها، فوقعت الرسالة في يد مؤسس المستعمرة جورجيا “جيمس ادوارد أوجليثورب” الذي قام بدوره بترجمة الخطاب لأنه كتب باللغة العربية الفصحى، وبناء على ذلك تعرف على معاناته بالإضافة إلى إعجابه بأسلوبه الأدبي وبفصاحته اللغوية التي أشاد بها المستشرقون في أوكسفورد، وتعاطف معه لدرجة كبيرة جدا، حتى انه قرر دفع المال لشراء حريته في ميرلاند، وثم نقله من الولايات المتحدة الى إنجلترا، وكانت هذه الرسالة سببا في اقتناع أوجليثورب بمساوئ العبودية، وقرر حظر العبودية في جورجيا..
وقام الفنان الإنجليزي ويليام هوري 1792-1707، برسم لوحة زيتية تعود إلى القرن الثامن، تجسد شخصية أيوب سليمان ، ووافق بشرط أن يتم رسمه وهو يرتدي الزي الافريقي، والمثير فيها ليس أنها فقط لرجل أسود بل كنبيل من النبلاء مبرزا جماله وتشبثه بالدين الإسلامي من خلال تعليق المصحف الكريم كقلادة على صدره وهذا المصحف واحد من الثلاثة مصاحف التي كتبها من ذاكرته في السجن، هذا البورتري هو أول رسم لإنسان من أصل افريقي مسلم الديانة، أظهر عظمة الرجل المسلم الذي حافظ على دينه وأصوله ولم يتخلى عنها رغم الصعوبات التي مر بها والأزمات التي عاش فيها لم يتخلى عن هويته كمسلم عربي أسود في زمن العنصرية المقيتة التي كانت تجتاز أوربا والغرب، والعبودية والتعذيب والاستعباد، فحصد الشرف والتكريم والذكرى التي خلدت عبر الأزمان، لتروي لنا وتخلد لنا قصة أيوب سليمان دجالو.
وفي تلك الفترة كان أيوب سليمان قد تعرف على مجموعة من مثقفي بريطانيا حيث تم تقديمه الى العالم البريطاني هانز سلون 1660-1753 مؤسس المتحف البريطاني والذي أعجب بغزارة علمه وفصاحته في اللغة العربية كما أنه كان يقوم بترجمة النصوص من العربية إلى الإنجليزية لأنه كان يجيد اللغة الإنجليزية، كما أنه قام بتقديمه كعضو في أرقى جمعية أكاديمية بريطانية في وقتها وهي Spalding gentlemen’s Society، والتي كانت تعتبر أكبر تجمع للمثقفين والمفكرين والعلماء البريطانيين وقتها كانت تضم في قائمتها إسحاق نيوتن وهانز سلون أيضا، كما تم تقديمه الى العائلة الملكية، وقدموا له هدايا اعترافا به وبوزنه، تثم إرجاعه الى وطنه، ويكفيه شرف أنه تسلم عهدا من الشركة الملكية للعمليات في افريقيا في حالة إلقاء القبض على أي من العبيد المسلمين بأن يطلق سراحه ويرجع فورا الى بلاده.
علم أيوب سليمان عندما عاد الى بوندو أن والده قد مات، وسرعان ما استعاد مكانته في العائلة المالكة الاستقراطية، فقام توماس بلويت وفرانسيس مور كانا كاتبي سيرته الذاتية التي نشرت تحت عام 1734، تحت اسم ” بعض المذكرات المتعلقة بحياة أيوب سليمان “عالم بوندا الأكبر في افريقيا الذي كان عبدا لعائلة أمريكية، ويمثل هذا العمل اخر فصل من إعادة تحرير أيوب سليمان وعودته الى بلده…

حفيظي كبيرة

صحافية،ومصورة،مهتمة بصناعة الفلم الوثائقي.....

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *