أنت الوحيدة

ظللت عالقا بين كوابيسك وأحلامك، بين الواقع والخيال، حاولت الظهور في حياتك على هيآت مختلفة .. حتى صرت الرسول الذي بعث إليك وحدك، فليشهد كل مخلوق أنك الوحيدة التي اقتحمت جدار عزلتي ونفضت عني غبار الخيبات. أنت بجميع تناقضاتك، بطيشك وجموحك، برجاحة عقلك و جنونك. علمت أخيرا وربما متأخرا أني لم أخلق أشواك….

دون هذه الكلمات على شاشة هاتفه وخزنها في قلبه قبل أن يخزنها الهاتف في ذاكرته، كتبها بمداد سكر وفي أكثر لحظاته تخشعا بعد أن احتسى آخر كأس من نبيذ كانت قد أهدته إياه ماريا، الفتاة التي عاشت معه جميع مراحل حياته منذ قدومه لهذه الدنيا إلى أن أصبح كهلا بملامح ناضجة، عيون رمادية وشعر أسود مائل إلى البياض ولحية مبعثرة وبشرة بيضاء.

ماريا ابنة جارتهم، ولدت قبل أسابيع، لعبا معا وهم أطفال، ولجا الروض معا، إلى أن أخذا شهادة البكالوريا معا، الكثير من التفاصيل التي لا تعرفها إلا هي ربما هذا ما جعل النساء اللواتي يحاولن الارتباط به تخيرنه إما قطع علاقته بماريا أو هجره. فكان يجيب بمقولته الشهيرة “ماريا جزء مني ومن ذكرياتي ” فيجد نفسه وحيدا مرة أخرى و تواسيه كل مرة وكأنها البلسم الذي يبحث عنه، حاول أن يعترف لها بحبه منذ مراهقته، لكن فكرة انقطاع علاقته بها كانت هاجسا جعلته يؤجل الأمر أو حتى يحتفظ به لنفسه، خصوصا أنه يعرف طباعها الحادة.

أكمل ربيعه الثلاثين، عاش ما تمنى أن يعيش، درس وتخرج و تفوق على نفسه وبنى لنفسه مسيرة مهنية متميزة، لكن الإحساس بالنقص مازال يلازمه وهو يدري جيدا سبب هذا النقص، إنه حضور ماريا..

قرر بعد أن أنهى آخر رشفة من النبيذ، أنه سيخبرها، فهذا ما يجب أن يكون.

Exit mobile version