ما بين القلب والعقل (الجزء الأول)

قصة قصيرة

ظللت عالقا بين كوابيسك وأحلامك ، بين الواقع والخيال ، حاولت الظهور في حياتك على هيآت مختلفة .. حتى صرت الرسول الذي بعث إليك وحدك، فليشهد كل مخلوق أنك الوحيدة التي اقتحمت جدار عزلتي ونفضت عني غبار الخيبات.  أنت بجميع تناقضاتك، بطيشك وجموحك، برجاحة عقلك و جنونك. علمت أخيرا و ربما متأخرا أني لم أخلق لسواك….

دون هذه الكلمات على شاشة هاتفه و خزنها في قلبه قبل أن يخزنها الهاتف في ذاكرته، كتبها بمداد سكر وفي أكثر لحظاته تخشعا بعد أن احتشى آخر كأس من نبيذ كانت قد أهدته إياه ماريا، الفتاة التي عاشت معه جميع مراحل حياته منذ قدومه لهذه الدنيا إلى أن أصبح كهلا بملامح ناضجة ، عيون رمادية و شعر أسود مائل إلى البياض و لحية مبعثرة و بشرة بيضاء. 

ماريا ابنة جارتهم، ولدت قبل بأسابيع، لعبا معا وهم أطفال، ولجا الروض معا ، إلى أن أخذا شهادة البكالوريا معا ، الكثير من التفاصيل التي لا تعرفها إلا هي ربما هذا ما جعل النساء اللواتي يحاولن الارتباط به تخييره إما قطع علاقته بماريا أو هجره. فكان يجيب بمقولته الشهير “ماريا جزء مني ومن ذكرياتي ” فيجد نفسه وحيدا مرة أخرى و تواسيه كل مرة وكأنها البلسم الذي يبحث عنه ، حاول أن يعترف لها بحبه منذ مراهقته لكن فكرة انقطاع علاقته بها كانت هاجسا جعلته يؤجل الأمر أو حتى يحتفظ به لنفسه، خصوصا أنه يعرف طباعها الحادة. 

أكمل عقده الثالث ، عاش ما تمنى أن يعيش ، درس وتخرج وتفوق على نفسه وبنى لنفسه مسيرة مهنية متميزة ، لكن الاحساس بالنقص مازال يلازمه وهو يدري جيدا سبب هذا النقص ، إنه حضور ماريا ..

قرر بعد أن أنهى آخر رشفة من النبيذ، أنه سيخبرها فهذا ما يجب أن يكون…. (يتبع)

نهيلة فاضل

طالبة علم النفس شغوفة بالادب و التاريخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *