أزمة منتصف العمر


ليس بالغريب أن نعيش تحت وطأة الضغط في زمن لا يبالي لإيقاعاتنا، زمن أيامه حبلى بالصعاب التي تقف عائقا أمام طموح الكل والشباب تحديدا، حيث في ظل الاكراهات التي تفرضها مجموعة من العوامل في مقدمتها السياسة الاقتصادية التي أثرت على جميع القطاعات الحيوية بدول العالم، وخاصة دول العالم الثالث / النامي أو التي في طور النمو.

قد أضحت مرحلة الشباب، مرحلة قلق وتوتر لدى الكثيرين ،مرحلة اضطراب الدور الاجتماعي على حد قول السيكولوجي “إريك اريكسون” حيث تستدعي هذه المرحلة إبراز الذات الاجتماعية والذات المهنية؛ اللتان تسهمان بشكل رمزي في الرفع من مستوى تقدير الذات وكذا الفاعلية الذاتية للانخراط في الحياة الاجتماعية.
وفي ظل غياب الدافعية الخارجية التي تتيح كافة الامكانات لتأهيل المورد البشري، تبرز أزمات عدة على كافة المستويات، ولعل أبرزها شبح البطالة الذي يقمع طاقة الشباب ويحفزهم على انتهاج الطرق غير المشروعة، وبذلك نصبح أمام إكراهات أخرى لا تهدد الفرد بحد ذاته بل المجتمع برمته.

وإن طرح هذه الإشكالات، لا يعني إنكار الجهود المعمولة، لكن الإشكال الأكثر عمقا، أن هناك خللا بين سياسة التنظير وسياسة التنزيل؛ حيث نجد الكثير من القرارات التي تسطر ضمن السياسات العمومية والقطاعية دون أن تُفَعَّل بشكل شامل على أرض الواقع، والأعمق من ذلك أن هذه الاختلالات خلّفت ظواهر سيكوسوسيولوجية تلزم المتدخلين الوقوف عندها.

فظاهرة الهجرة على سبيل المثال لا الحصر، ماهي إلا نتاج للغربة النفسية والاجتماعية وكذا اللانتماء الذي يكابد الشخص العاطل عن العمل وخاصة فئة الشباب الحاصلين على شواهد عليا، الشيء الذي يفاقم ويعزز انخفاض مستوى تقدير الذات المرتبط بالرغبة في الإنتاجية مقابل غياب فرص مناسبة لذلك. وبالتالي فتدني المستوى الاقتصادي مع اضطراب الدور الاجتماعي قوتان ضاغطتان تفرزان ظواهر نفسية خطيرة جدا، لعل في مقدمتها شبح الاكتئاب الذي يفضي في كثير من الأحيان إلى الانتحار هروبا من الانفعالات السلبية، وكذا هروبا من أنا المجتمع باعتبار هذا الأخير قوة ضاغطة خارجية تمارس نوعا من القهر الذي يتجلى من خلال اللوم والانتقاد المستمر…، وغير ذلك نجد في صفوف الشباب العاطل من يلتجئ للتعاطي للمخدرات كوسيلة لإنكار الذات الواعية.
وللتخفيف من حدة ما تخفيه ظاهرة البطالة فلابد من ملائمة الدراسات العليا مع متطلبات النسيج الاقتصادي الراهن، كما من الضروري التكثيف من حملات التوعية والتحسيس، بهدف تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهؤلاء الشباب والعمل على مواكبتهم وكذلك تيسير ولوج الخريجين للتداريب العملية والميدانية لاكتساب الخبرة وكافة المهارات الضرورية التي يتطلبها سوق الشغل. كما لا ننسى أنه من المهم ان تكثف الدراسات العلمية في هذا المجال الذي يتعلق بالشباب كقطاع حيوي تلزمه عناية فائقة.

زهرة الذهبي

اسمي زهرة الذهبي أبلغ من العمر 24 سنة حاصلة على شهادة الاجازة تخصص علم النفس الاكلينيكي وحاصلة أيضا على شهادة الماستر المتخصص في حماية الطفولة ومساندة الاسرة بالمعهد الملكي لتكوين الاطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *