آمال وآلام

امل ينبثق من صميم الالم

إن تشابه الحروف بين هاتين الكلمتين ليس وليد الصدفة، وإنما لتداخلهما في زرع نفس الأحاسيس لدى الإنسان، ولا يكون لإحداهما معنى دون الأخرى، فمع كل أمل هناك ألم، ومع كل ألم هناك أمل؛ فعليل الصحة سقيم الجسم يكون في آلام شديدة ويأمل أشد ما يأمل أن يشفى، ومن ينعم بصحة جيدة يعلق الآمال على أن تستمر، وهنا يكمن هذا التكامل والتطابق جاعلا معنى كل واحدة من الكلمتين يرتبط ارتباطا وثيقا بالآخر.

إن معظم مآسينا ومتاعبنا النفسية تأتي في الغالب من حجم انتظاراتنا وأمانينا التي نعقدها على الظروف أو الأشخاص أو كليهما معا، فلا تكتمل فرحتنا ولا نمتن بما نملك ونظل قابعين في ظلمات الغد مُصرين على أن هناك شيئا أفضل في انتظارنا، سواء عملا كان أو صحة أو ذرية أو مالا… لا ينتهي الانتظار سواء تحققت آمالنا لأن آمالا أخرى ستدخل على الخط بعد أن كانت محجوزة في قاعة الانتظار، أو بعدم تحققها أصلا، وهنا تكون صدمتان: الأولى خيبة والثانية وقت ضائع.

كل هاته الأماني تخبئ وراءها رغبتنا اللامتناهية وشهوتنا المتجددة، فهي المحرك الأساسي التي لا يجب علينا تكميمه أو إلجامه وإنما توجيهه توجيها صحيحا باستخدام العقل وتفعيل منظومة القيم والمبادئ والوازع الديني، لكيلا نقع في مستنقع الانحطاط والأذى لأنفسنا والآخرين.

هذه ليست بدعوة الآن لئلا نتشبث بآمالنا ولكنها فرصة لإعادة النظر فيها والتصالح مع ذواتنا كما تقبل ذلك الألم الذي يدخل في حتمية الإنسان، العيش في الحاضر والامتنان لكل لحظة فيه، على أن يكون الأصل هو الواقع المعاش لا السراب الذي نتبعه ونعلق عليه أمانينا.

آمال وآلام

Exit mobile version