الحجاب.. فريضة أمْ قناعة شخصية ؟

لا زالت قضية الحجاب واحدة من أبرز القضايا التي أُثِيرَ حولها الكثير من الجدل؛ فبين جهة  معارضة تعتبره تخلفا ورجعية وانتزاع لحرية المرأة، وجهةٍ موافقة ترى أنه فرض وواجب أُقِر بنص صريح في القرآن الكريم، هناك جهةُ وسطٍ ترى أنه عبارة عن قناعات شخصية  وحرية اختيار، لكن يبقى السؤال مطروحا في أي خانة يمكننا تصنيفه؟ وهل بالفعل يستحق الموضوع كل هذا الأخذ والرد؟ 

يعتبر الحجاب إحدى العلامات والرموز التي  تميز ديننا الإسلامي (كما بعض الديانات السماوية السابقة) بغض النظر عن كل الانتقادات والتأويلات التي تدَّعي أنه مجرد قطعة قماش توضع فوق الرأس  دون فائدة، إلا أن دلالته الشرعية أقوى من ذلك. فقرار الحجاب أو تحجُّب المرأة في الإسلام جاء لهدف حمايتها أولا ومن أجل الحفاظ على حريتها ككيان وروح وجعلها ذات مكانة سامية  أكثر من أن تكون مجرد جسد. ففي قوله تعالى في سورة النور الآية 31 “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا ببدين زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” صدق الله العظيم؛ دلالة على  وجوب الحجاب شرعا.. فمثله مثل باقي العبادات الواجبة ولا ينقص شأنا عنها .. وبالإضافة إلى أنه واجب فهو يُعتَبَر هوية المرأة المسلمة ومرجعها وركيزتها، فكيف لها أن تعتز بدينها في حين أنها أغفلت أهم شيء فيه؟ 

فالحجاب على عكس ما يروَّج له على أنه يمنع المرأة أو الفتاة من العيش بحرية أو ممارسة حياتها بطريقة طبيعية أو يقف عائقا أمام طموحاتها.. فهو لا يعيق تقدم المرأة في  شيء، وهناك العديد من النساء المحجبات على الصعيد العالمي بلغن أهم المراكز وتقلدن أكبر المناصب سواء في المجال السياسي أو الديني أو العلمي ..غير أن اليوم هناك من يعتبره مجرد قناعة شخصية ولا يمكن اتخاذ قرار الحجاب إلا بعد الاقتناع والتفكير الطويل ..

حقا قد يكون هذا القرار صائبا، لكن على هذا التفكير أن يكون في المنحى الصحيح نابعا عن نية حسنة في الرغبة بالمعرفة الحقة والبحث عن تفاصيل وأسباب تشريعه والهدف من ورائه وما إلى ذلك، أما الادعاء فقط بعدم الاقتناع دون بذل أدنى جهد في البحث والتفسير عن الأسباب وعن صحة فرضه يعتبر مجرد أعذار واهية وإتباعٌ للهوى لا أكثر ..

وقضية الحجاب بالفعل تستحق كل هذه الضجة وكل هذا الأخذ والرد، لأنها قضية محورية تخص هوية المرأة المسلمة وواحدة من الرموز الدينية التي ينبغي تطبيقها  والمثابرة من أجل أن يُفهم المغزى الحقيقي من ورائها وطمس كل ما يروج له من ادعاءات زائفة بغية الحصول على مجتمعات منحلة أخلاقيا ليس إلا.

قطعة القماش تلك هي التي تجعلكِ أختي الكريمة تتحررين من عبودية الجسد، فلا يُنظَر لك كجسدٍ عار، فحسب بل كإنسان يفرض احترامه ومكانته ويتمتع بحريته وينسلخ من كل القيود التي كانت وما زالت تقيد المرأة. 

روابط خارجية

مدونة زوايا

زوايا فريق شاب مؤلف من 10 شباب عرب مختلفي التخصصات والاهتمامات و غزيري الأفكار يجمعهم حب التدوين والرغبة في إثراء الويب العربي بمحتوى مفيد فريق زوايا ذو أفكار خلاقة وعزيمة متأهبة يعدكم بمحتوى مدوناتيٍّ أقل ما يقال عنه أنه استثنائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *