وسائل التواصل الاجتماعي والآليات الجديدة للاحتجاج بالمغرب

كيف ساهمَت "السوشال ميديا" في بزوغ حركات احتجاجية جديدة ؟

أصبح الوضع الاحتجاجي في المغرب يشكل نمطاً من أنماط التعبير السليم عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي داخل الدولة؛ وهو ما شكّل طفرة نوعية في بزوغ أنماط احتجاجية جديدة يكون مُنطلقها وسائل التواصل الاجتماعي، على اعتبار أنها أضحت منصة للتأثير على المواطنين أفرادا وجماعات، وهذا راجع إلى كون الشباب يشكلون أكثر من ثُلثي مستعملي هذه الوسائل، وهذا ما يعكس حماسهم وتعبيرهم عن السخط جراء ما يعيشونه من عطالة وتدني مستوى العيش وعدم قدرتهم على توفير أدنى وسائل الحياة الضرورية، مما جعل وسائل التواصل الاجتماعي منصة من أجل التعبير والتعبئة والتنديد بأمر ما، أو الانخراط في قضية ما أو التعبير عن معارضتهم لسياسة الدولة

كـلُّ ما سبَق ساهم فيه غيابُ دور الوساطة التي كانت الأحزاب والنقابات تلعبها في نقل هموم المواطنين وانتظاراتهم كعامل أساسي للإصلاح، وكذا غياب الثقة والمصداقية في هذه الهيئات، مما يكون معه الاحتجاج في نمطه الجديد هو الحل الوحيد الذي يلجأ إليه المواطن – وخصوصا الشباب- من أجل التعبير عن مواقفه وانتقاداته للسياسات العمومية ومحاولة الضغط على الجهات المسؤولة عن هذه السياسات؛ وهي الخلاصة نفسُها التي انتهى إليها التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2018 في قسمه الثاني المتعلق بالأشكال الجديدة للاحتجاج بالمغرب، حيث اعتبر أن ما عاشه المغرب منذ 2011 مع حركة 20 فبراير في سياق الربيع العربي واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي كمنصات للتعبئة حاسما في نجاح تمرير مطالب الشعب من خلال تعديل الدستور، وعدم اللجوء إلى الهيئات التقليدية للوساطة كالأحزاب والنقابات. ومرَدُّ ذلك إلى غياب الإطار الإيديولوجي المشترك بين المشاركين في الحركات الاحتجاجية، كما أن غياب تراتبية أعضائها والشعور بالحيف والظلم كانت هي العوامل المشتركة بين المحتجِّين. 

ومما زاد من صمود هذه الحركات هو قادتُها الذين كان أغلبهم من الشباب، أما الوجه الثاني لنجاح هذه الحركات هو ما توفره شبكات التواصل الاجتماعي من مزايا تتمثل بالأساس في عدم الكشف عن هوية المستعمل مما يسمح له بالحرية في التعبير ونشر الأفكار دون الخوف من المتابعة، وكذا تضاؤُل مظاهر الاختلاف بين أعضاء المجموعات الذين يلتفون عموما حول قضية أو موضوع مشترك، ولعل حملة المقاطعة التي عرفتها مجموعة من المنتجات الاستهلاكية من طرف المغاربة لَخير دليل على مدى تأثير هذه الوسائل في توجيه الرأي العام بكل سرعة وعلى أوسع نطاق، مما أحدث تحولا عميقا في توقيت رد الفعل السياسي وفي تعاطي الأجهزة الأمنية مع الحركات الاحتجاجية الجماهيرية التي غالبا ما تكون تحركاتها غير متوقعة.

إن الأشكال الجديدة للاحتجاج تسائِل الفاعلين الاجتماعيين والسياسين والنقابيين من أجل إعادة النظر في مضمون خطاباتها وقدرة هذه الأخيرة على التأقلم مع الفئة المستهدفة وتغيير آليات اشتغالها والعمل على تغيير عمل هياكلها على نحوٍ يسمح لها بفتح المجال أمام النساء والشباب وتمكينهم من أدوات الممارسة السياسية من أجل تحقيق الدور الحقيقي للأحزاب والأدوار المنوطة بها بموجب الدستور.

 

  • الآراء الواردة في هذه التدوينة لا تُلزم بالضرورة فريق مدونة زوايا ، بل تعني صاحبها  فقط .. وبه وجب الإعلام والســلام!

Exit mobile version