كيف يُنظَر إلى الحريات الفردية في المغرب ؟

بـيْن مؤيّـد لها ومُعارض

لا أخالُ أني سأجد أيَّ شخص بصفة عامة، وأيّ مغربي بصفة خاصة، يخفى عليه أن الحرية من أسمى القيم التي ناضل من أجلها الإنسان منذ الأزل، ولا زالت سيرورة هذا النضال مستمرة إلى يومنا هذا، بيْد أن الإقلاعات الفكرية والاجتماعية التي عرفها المغرب جعلت من رسم حدود هذه الحرية خصوصا الجسدية منها أمرًا حتميًا.

وإذا كان المشرّع المغربي قد حَسَم الجدال في هذه المسألة، فإن العديد من المغاربة، السياسيّين والمَدنيّين منهم، قد دَعوْا إلى مراجعة القوانين المؤطرة للحريات الفردية، فمنهم الداعمون لزيادة تشديدها ومنهم الداعون لإلغاء هذه القوانين وتوسيع دائرة الحريات الفردية بما في ذلك تقنين العلاقات الرضائية والإجهاض.

نزولًا عند موقف الفريق الأول، نجد أن هؤلاء الفئة -المكوَّنة غالبا من الأصوليين والتيارات الإسلامية الأخرى- قد بنَت موقفها بالاستناد إلى مجموعة من الاعتبارات، في مقدمتها كون توسيع الحريات الفردية لتشمل العلاقات الرضائية والإجهاض سيكون سلبيا على منظومة الأخلاق في المجتمع المغربي، عبر طمس الهوية الوطنية المحافِظة للمغرب وفقهم. هذا، إضافة إلى تفشي الأمراض الجنسية المُعدية التي قد تنتقل بين الأشخاص الممارسين لعلاقة جنسية ولو كانت رضائية، والتي قد تكون مكلفة للدولة أيضا لأنها تقوم بدعم الأدوية المعالِجة لهذه الأمراض؛ كأدوية السيدا. كما يذهب  البعض من هذه الفئة إلى الاتفاق مع هذه الحريات الفردية التي لا تنزل بالإنسان إلى المستوى البهيمي، كما سبق وأشار إلى ذلك العالم الأصولي أحمد الريسوني.

تقرؤون أيضاً على مدونة زوايــا

جدل الحريات الفردية

ثنائية السلطة والحرية

وسائل التواصل الاجتماعي والآليات الجديدة للاحتجاج بالمغرب

 

على الطرف النّقيض، نصادفُ نفراً من المغاربة ذوي الفكر اليساري والحداثي، يؤكدون على الإقرار بعدم محدودية الفرد عبر الدعوة إلى إباحة الممارسات الرضائية والإجهاض مستعينين بجملة من الحجج أهمها أحقية الأشخاص الراشدين في التصرف الحر بأجسادهم.

هذا إلى جانب وجود عوامل اجتماعية متداخلة بأخرى اقتصادية تدفع إلى إباحة الممارسات الرضائية، وتتلخص  هذه العوامل بالأساس في مُشكِلَيْ البطالة والفقر اللذيْن يقفان عائقا أمام إحداث علاقة زوجية، فتصير تبعا لذلك الممارسات الرضائية المنفذ الوحيد لإشباع الرغبات المصاحبة لمرحلة الرشد.

ومن زاوية نظري؛ فإني أُقِرّ بمشروعية العلاقات الرضائية لأن كلَّ شخص حر في فكره وجسده، غير أني أؤكد على تجريم الإجهاض كونه يُمثّل إن جاز التعبير “نيوموديل للقتل”.

ومِسك الختامِ أن النّظر في قوانين الحريات الفردية يستدعي جلوس جميع الأطياف سالفة الذكر إلى مائدة الحوار، بدل التراشق بالتصريحات التي لا يتضرر منها إلا المواطن المغربي الذي ينتظر وبفارغ الصبر موقف المُشَرِّع الوطني.

 

  • الآراء الواردة في التدوينة لا تُلزم بالضرورة فريق مدونة زوايا، بل تعني صاحبها فقط.  وبه وجب الإعلام والسلام!

محمد حميدي

طالب و مدون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *