#ساحات_المغرب .. “ريبيرتْوار” جماعي لتاريخ الأمة | الجزء الأول

عن أشهر الساحات المغربية، كلُّ ساحةٍ تتحدث بلسان حالها

كانت ولا تزال بلاد المغرب منبع الأصالة وأرض التاريخ والعراقة، مرّت على غبرائها عديد الحضارات واستقرت بها عديد الثقافات، مما جعل من المغرب مزيجا ساحرا من التقاليد والحكايات والفنون والأذواقِ. وهنا في هذه التدوينة – التي تقرؤونها في جزأيْن- شهاداتٌ حيّة لبعضٍ من أهم الساحات المغربية باعتبارها مهد التجمعات البشرية، تحكي لنا بلسانها ولهجتها تاريخها ومكانتها بين باقي الساحات.

“جامْع الفنا”.. فولْكلور الألوان والأهازيج

قريبة تْكْمل 1000 عام من نهار تزاديت ف أيام المرابطين اللي اتخدوني كفضاء كبير باش يستعرضو الجيوش والجاهزية د المقاتلين والأسلحة قبل ما ينطلقو لحروب التوحيد والاستقلال، ومن ديك الوقيتة وأنا رمز ديال مراكش الحمرا ونقطة الالتقاء بين المدينة والملاح والقصبة المخزنية، والكُتْبِيَة شامخة قْدامي. 

سميتي غريبة شوية ياك؟ الفنا!! ولكن ماغاتبقاش غريبة ملي تعرف بلي راها جاية من فناء مسجد مهجور كان وسط بلاصتي دبا، وكاين اللي تايگول بلي كنت هادي شحال ساحة لتنفيذ الإعدام، ولكن بين هدَا ودَا، أنا حاليا ساحة كتعج بالحياة نهار وليل، ومعروفة عالميا كأهم معلم سياحي ف مراكش وماكاينش اللي يحط رجليه فالمدينة وما يسولش فيا ويجي جهتي.

بيتي ما تاكل وما تشرب، موجود،

بيتي فاين تريح وتبات، موجود،

بيتي ما تشري لدارك واحبابك من مراكش، هنا تلقاه، 

بيتي الموسيقى والرقص، كاينين،

بيتي الفراجة والحلاقي، هي اللي ماتعاودش،

بيتي تسمع آش گالو ناس زمان وشنو خلاو م الحكمة، راك بلغتي المقصود

جمعت القديم والجديد والحايل واللي عاد جا، وعليها صنفاتني اليونسكو ف قائمة التراث الإنساني اللامادي في عام 2001 باش يتزاد اهتمام المسؤولين بيا ويحميو هويتي م الضياع باش نبقا رمز للثقافة الإنسانية فهاد البلاد السعيدة، وملي تسمعو البهجة عرفو بلي المعنى على جامع الفنا. 

“الرصيف”.. تقاطُع العُدْوتَين

اللي هضر على فاس تايدكر ساحة أبي الجنود، أو بوجلود كيف ما تايقولو ناس المدينة، وتاينساو بلي قدامها نيشان من الجهة لخرى كاينة ساحة متتقْلْش أهمية، هي القلب التجاري النابض ديال فاس البالي والخيط اللي كايجمع بين فصاصها بزوج. على ليسر، عدوة القرويين وعلى ليمن عدوة الأندلسيين، وبيناتهم تيدوز واد فاس، المسمى بواد الجواهر اللي تايجي من سهل سايس باش يزود كل درب وكل زنقة وكل دار وكل جامع وكل حمام وكل فْنْدَق وكل سقاية وكل مرفق عمومي بالما، وتايخرج من باب الخوخة يسقي الرياضات اللي برا السور وعاد يصب ف سبو. وسمعو شوية من اللي قال سيدي محمد غريط على قيمة هاد الواد:

وادي الجواهر متحفُ الأحداقِ… ومكلِّلُ الأفكار والأذواقِ

وادٍ جرى وسْط البسيطِ مسَلسَلاً… يروي غليل الوَجدِ والأشواقِ

وادٍ له لوْنُ اللُّجَيْنِ ونفحةُ الْ… عِطرِ النفيسِ وخفة التِّرياقِ

وزاد عليها:

رَقَّت طبيعتُه وراق جماله… فغَدَا يتيهُ على أبي رقراقِ

ومع الدخلة ديالي كاين جامع الرصيف أو الجامع الأعظم، اللي فيه واحدة من أجمل سقايات المدينة، ومانساش “المْزاوْلة”، الساعة الشمسية اللي كتزين الصحن ديالو، وهاد الجامع عندو أطول مئذنة بين جوامع فاس البالي، لدرجة أن الفاسي اذا بغا يضحك مع شي حد طويل كايقولو : سير يا الصمعة د الرصيف.

أه، أنا ساحة الرصيف، الناضر ليا مبهور والدايز مني زمانو يولي ليا ويدور. 

تقرؤون أيضًـا على مدونة زوايــا

أرواح بريئة تعاني في صمت

لأنكَ الحبّ ..

أحزاب الحركة الوطنية: قراءة تركيبية في النشأة، رهان الدمقرطة وتحديات الواقع _1_

“وطا حمَّام”.. القلب النابض لمدينة علي بن راشد

كايقولو المغاربة على شي حد اللي خلق ف عائلة لاباس عليها وف ظروف اجتماعية مزيانة أنه خلق ف دقمو مْعِلْقة د الذهب، وأنا كنعتبر هاد المثلة مناسبة معايا تماما.. ماشي غي حيت كنتوسط مدينة الشاون، ولكن كنتوسط أكثر المواطع روحانية فيها.. بين المسجد الأعظم، الزاوية القادرية، الزاوية العَلَمية، زاوية أبي الحسن علي النوازلي، الزاوية الناصرية وزاوية محمد بن الحسن بن ريسون، بلا ما نساو القصبة بالأبراج ديالا العالية ودار المخزن اللي كدعبي ن الحبس اللي تصمم ن الغزاة البرتغال ومن موراهم الإسبان.

بلاتي، باقي ما سالينا.. أنا كنت وباقي كنتعتبر القلب التجاري والاقتصادي النابض د الشاون حيت الحوانت والقهاوي والبزارات والفنادق والمطاعم مشتتين ف كل زاوية عندي، وعاد سوق الخضارين.

وزيدو هادي، بقايا المدرسة الأهلية ودار الطلبة اللي لاصقة ف المسجد الأعظم والمكتبة د المطالعة كايدلو على أهميتي الثقافية عند الشاونيين اللي كانو كايحضرو ن العلم من جهة و ن حلقات الفرجة من جهة أخرى. وبلا ما نحتاج نفكركم ف المظاهرات المطالبة بالاستقلال واللي شهدت عليها أنا.. ها علاش خلقت بمْعِلْقة د الذهب. 

“باب سيدي عبد الوهاب”.. فنْتازيا مدينة الألفية

ادا كانت مراكش عندها جامع لفنا ومكناس عندها لهديم، فوجدة، مدينة الألف سنة والمعبر الحدودي المكشوف بين المغرب الأقصى والأوسط والحامية ديال الحدود الشرقية، عندها ساحة باب سيدي عبد الوهاب، الولي الصالح وواحد من أهم أعلام المتصوفة اللي عاشو ف وجدة وتوفاو فيها، واللي الضريح ديالو باقي وسط لسوار ديال المدينة القديمة كايزوروه الناس يوميا.

أنا أقدم بلاصة تشيدت ف السور القديم بعد آخر تدمير كامل ديال مدينة زيري بن عطية المغراي، اللي ضحات بزاف د المرات بالعمران والتراث ديالها ف سبيل الوطن، وشحال هادي كنت كنتسمى ساحة باب الريوس، حيت هنا تعلقو الريوس ديال المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي و الخونة ديال البلاد، كيفما وقع مع أتباع “بو حمارة” اللي خرج على الطوع ديال النظام والسلطان المخزني ف بدايات القرن اللي داز.

وجادة كايعتبروني سوق عكاظ ديالهم، تأسست عبر التاريخ تلقائيا من طرف المجتمع ماشي بقرار إداري او سياسي، وكنت البلاصة المتميزة لفن الحلقة، هاد الفن المغربي القح اللي كايعتمد ف مقوماتو الفنية على الفرجة الشعبية التقليدية بحال الموسيقى والرقص والمسرح وفن الكلام وغيرهم، وكايعكس التنوع الثقافي والفني التاريخي ديال التقافة المغربية. توقف هاد الفن مدة طويلة فاتت 30 عام قبل ما تعاود تحييها الإصلاحات اللي تقامت ورجعات الحياة ليا بعد ما قربت نموت م الداكرة المحلية، وكان صيتي كاينقص مع كل وجدي ووجدية كايتوارى ف التراب وكاياخد معاه الدكريات ديالي.

ساحة التجارة .. الشّاهد المجهول

وْلاد الدّار البيضا يقدرو يعرفو سميتي وبلاصتي دبا من غير ما يعرفو مكانتي التاريخية، ولكن البراني موحالش يكون سمع بيا لا من قريب ولا من بعيد.

أنا ساحة صغيرة وقديمة بزاف و إلى رجعتو ف الزمان اللور غاتلاقاوني حاضرة وشاهدة على تأسيس المدينة وعلى كيفاش تحولات من أنفا سابقا (واللي معناه بالأمازيغية القمة) وكيفاش خدات الطابع الاقتصادي ديالها حتى ولات الدار البيضا حاليا؛ العاصمة الاقتصادية ديال المغرب.

كنتواجد ف قلب المدينة القديمة على شارع بلجيكا ف الكمالة ديال القنصلية الألمانية سابقا، و ف بداية القرن العْشْرين، كنت كنمتل المركز اللي كايتجمعو فيه كل من تجار المدينة والأجانب باش يناقشو المسائل التجارية ديال البيع والشرا، و ف “أوطيل سنطرال” كايريحو ليلتهم قبل ما يكملو الطريق للجنوب أو الشمال.

نزيدكم معلومة اخرى تقدر تصدم بزاف د القراء، بالقرب مني وبالضبط حدا السقالة، كاين الضريح ديال زوج د الناس، سيدي علال القيرواني واللي كان عالم ورجل دين وأول ولِيّْ صالح ديال مدينة أنفا، وديال بنتو لالة البيضة. هاد السيد كان جاي من تونس وغادي للسنغال فواحد السفينة تجارية اللي غرقت ف البحر ولاحتو الامواج ف سواحل أنفا عام 1350؛ تهلاو فيه ناسها وتعايش معاهم حتى مابقاش قادر يتفارق مع هاد الأرض، ولحقات عليه بنتو لالة البيضة اللي كانت حسب الروايات فاتنة الجمال وكتلبس الأبيض بزاف، وملي توفات دّْفنات حدا الوالد ديالها والضريح تصبغ بالابيض. ودازت ايام واعوام وأنا باقية كندير المهمة ديالي كمركز تجمع ديال الغادي والجاي من التجار اللي نساو رواية لالة البيضة واختلط عليهم الضريح وحسابليهم غي بناية او دار كانو كايتفقو يتلاقاو حداها، حتى تسمات المدينة كاملة الدار البيضا..!!

كاين شي حد كان عارف هاد المعلومة؟ للأسف قيمتي كبيرة وهويتي مغمورة كتستنى لجواد اللي يقلبو الأصل والمفصل وينبشو تحت التراب باش يجبدو التاريخ. 

يُتبع .. 

حمزة بوهلال

مدون وعضو فريق زوايا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *