توكيدات السنة أم توكيدات الروح ؟

مَن مِنّا لم يضع قائمة لأهداف السنة الجديدة؟ من منا لم يقتن مذكرة جديدة تؤرخ لبداية أيام وشهور العام القادم؟ من منا اقتنع بعد اجترار طويل للفكرة بالانتقال إلى خانة الممارسة؟ ممارسة الرياضة، الالتزام بجدول غذاء صحي، انتشال كتب من نقع الرفوف أو ببساطة العودة إلى ذلك الطقس اليومي القصي – التأمل على سبيل المثال- الذي حولته ضرورات المادة إلى مُتنفسٍ تُحجَز له الإجازات ويتم تفريغه بثقافة الاستهلاك.

كلها توكيداتٌ تنثال زخما عابرا للعقل والفكر ولكن هل تعْبر الروح حقا؟ أتساءل عن ذلك لأني من بين الذين ذكرتهم أعلاه؛ الذين تنتابهم حماسة السنة الجديدة فيفزون من مرقدهم نحو الإفاقة المنشودة، ويا لها من إفاقة محمومة بحمى صاحبها الذي يعرف في قرارة نفسه أنه استسلم لعذوبة الوسن فأخلف مواعيد هامة مع سؤدد نفسه.

أقول هذا وعهدي مع نفسي، في كل مرة أصور السنة الجديدة مشجبا أعلق عليه آمالا وأهدافا لطالما أجلتها في عالم الترتيبات والأولويات، أجدني غريقة تتمسك بقشة، لا تلوي على شيء غير عبور الضفة بأمان. سألت نفسي، عاتبتها، لوّعتها، لكزتها، وكزتها… أيا كان ما جابهتها به من غضب وعنف وما وسمتها به من قماءة وبآلة، تبين أنّي لا أصل لجوهر نفسي، وتلك هي الإجابة.

تقرؤون أيضاً على #مدونة_زوايـا

لا أصِلُ لجوهر نفسي، لا أُلامِسُ روحي؛ نعم إنّها حقيقة مُرة أن تعرف أنك قلصت وجودك اللامتناهي في جسم وفي أفضل الحالات في جسم عاقل لتُبرز اختلافك مع الحيوان، بيد أن جوهرك المتميز هو تجانس جسمك وعقلك ونفسك وروحك، ومتى كنت متصلا بروحك أكثر كلما عبرت إلى عالم لا متناهٍ من الاحتمالات، لأنك ببساطة روح من الروح العليا أيا كان انتماؤك الديني، فأنت موجود بوجود الموجود؛ وإن كنت لا تؤمن بدين فأنت أمام حقيقة وجود.

لا أريد منك عزيزي القارئ أن تسَلِّم بما قلته آنفا فأنت حر وهذا لا غَرْوَ من سمات وجودك، ولكن أريدك أن تجرب مع هذه السنة الجديدة أن تجعل أهدافك تعبر روحك أولا وقبل كل شيء، تسألني كيف؟ صدقني أنت تعرف الجواب ما دمت تعقد العزم وتقرنه باليقين.

بدوري أعقد عزمي ونيتي الموصولتين بيقين تام داخلي ألاّ أتوقف مجددا عن الكتابة مهما بلغت قوة الصدمات زورا في تذرير بنات أفكاري وطرحها أرضا. 

Exit mobile version