عن جدل العلاقات الرضائية

عن ما أثير مؤخراً في #المغرب من نقاش حول الحرّيات

هي ظاهرة لم يُمَطْ اللثام عنها بعدُ وتكتفي بنَخر المجتمع من الداخل في صمت أمام مرأى الجميع، مُخرّبةً لكل أسسه الدينية والأخلاقية بل وحتى الإنسانية؛ شخصياً، أرى أنه آنَ الأوانُ لنَضع على طاولة نقاشاتنا مثل هذه القضايا الحارقة للمجتمع، بغية الوصول لحل موضوعي يضع حداً لكل المشاكل الاجتماعية المتفرعة عنها بعيدا عن التضاربات في الرأي والمواقف.

يتعلق الأمر بواقع الحريات الفردية في المغرب، وأخصُّ بالذكر هنا العلاقات الرضائية؛ هذه الأخيرة التي تواجه قضية التناقض بين واقع يفرضها بحِدّة وتشريعٍ يجرمها ويُعاقب كل من يُقْدِم عليها، إذ يشكل هذا التناقض مصدرا حقيقيا لمشاكل اجتماعية حارقة كادت أن تهوي بالمجتمع في الحضيض، لاسيما حينما نتحدث عن المستنقع الذي تسقط فيه فتيات في مقتبل العمر كل يوم، فحسب الإحصاءات الخاصة بسنة 2016 -المنجزة من طرف جمعية “إنصاف”- فقد بلغ عدد الأمهات العازبات اللواتي توافدن على الجمعية 4282 أمٍّ عازبة! هو رقم يدقّ ناقوس الخطر خصوصاً وأن هذه الشريحة الاجتماعية تعاني من كل أنواع الإقصاء والرفض والتمييز، وكذا الاستغلال بأبشع صوره وأشكاله، في الوقت الذي من المفترض أن تكون هذه الشريحة طاقة إضافية للمجتمع بدلا من أن تكون عبئا عليه.

وجديرٌ بالذكر، أن ما يزيد من استفحال هذه الأزمة الأخلاقية ظاهرةُ الأطفال المتخلى عنهم بل والملقى بهم في القمامات في أحيان عدة؛ فحسب دراسة أجرتها “العصبة المغربية لحماية الطفولة”، فإن الأرقام اليوم تشير إلى أن %11.43 من الأطفال يولدون خارج إطار الزواج أي ما يمثل ميلاد 153 طفلا يوميا، يتم التخلي عن 24 منهم في الشارع، ومن الأكيد أن هؤلاء الأطفال لا تقل معاناتهم عن أمهاتهم، إلا أن السؤال الذي يتبادر للذهن بالنظر وضعيتهم المزرية هو عن الذنب الذي اقترفه هؤلاء الأبرياء حتّى تستقبلهم الحياة بهذه القساوة!!

لمْ يقترفوا أي ذنب سوى أنهم كانوا نتاج علاقة غير شرعية بين أب غير مسؤول رفض الاعتراف به وأم غير مؤهلة اجتماعيا للتكفل به، بل وتجردت من غريزة الأمومة خوفا من العار والفضيحة، والتالي فالثمن يؤديه هؤلاء الأطفال الذين يحرمون من أبسط الحقوق في الحياة (الحق في الأسرة والرعاية والعطف والحضانة والتربية والتعليم… ) ناهيك عن النظرة الازدرائية التي ترافق هؤلاء الأطفال طوال حياتهم من قِبَل مجتمع رافض لوجودهم بالأساس..

بالتالي، لا يسعنا القول بعد هذه المعاينة البسيطة لواقع هذه العلاقات الرضائية بمجتمعنا وما تخلّفه من أمراض اجتماعية فتاكة، أنَّ الضحايا الرئيسيين في هذه اللعبة القذرة هم المرأة والأطفال الأبرياء، في الوقت الذي من المفترض أن يتحمل الجميع المسؤولية بما في ذلك الدولة والمجتمع المدني والأسرة فيما آلَ إليه خلق المجتمع وما سيؤول إليه مستقبلا من انحلال وفساد شامل لكل المستويات الدينية والأخلاقية والإنسانية.

الوجاني فاطمة الزهراء

للنشر والتدوين على مدونة زوايا .. تفضلوا بالاطلاع على شروط النشر

Exit mobile version