تدوينة متصدرة

نزار قباني .. فارس أحلامي

مقتطف من حياة "أسطورة الشعر العربي"

عندما يسألني أحدهم عن فارس أحلامي فإنني لا أجيب كباقي الفتيات اللائي يتمنين رجلا فارسا يأتي فوق حصان أبيض ويأخذني إلى عالم الأحلام الوردية، بل عادة ما أجيب أني أريد رجلا من النوع “القَبّاني”.

سألني أحدهم مرة هل هذا نوع جديد من الرجال؟ فأخبرته قائلة: هذا نوع نادر من الرجال؛ هو رجل أفنى عمره بالتكلم بلسان النساء مصوّرًا معاناتهن متغزّلًا بِهِنّ، فما ترك لها ولا عليها، فرأى المرأة الجسد الذي يبهر والروح التي تسري والأُم التي تربي والأخت التي تحن والبنت التي تعشق والسياسية التي تمكر وتغدر. لكن نزار وقع صريع النظرة الغريزية للمرأة، فانقسم قارئو دواوينه بين منبهر بأسلوبه وجرأته وبين محطّم له كصنم جاهلي.

عايَش نزار قباني فترتين أسْهَمَتا في قلب موازين أشعاره، فقبل نكسة 1967 صوَّر لنا نزار الجانب الشهواني للرجل ألاَ وهو التعلق بالمرأة كأصل اللذة والمتعة الجنسية وذلك بوصفه أجزاءاً من جسدها والتغزل بمفاتنها، هكذا كانت نظرة الناس والنقاد لقصائده بحيث أطلقوا عليه لقب شاعر المرأة، وهنا نقف عند قصيدته *مذعورة الفستان* حيث كتب :

مذعورة الفستان .. لا تهرُبي
لي رأي فنانٍ.. وعَيْنا نبيّ
والتف بالعقد .. وبالجورب
والتهم الخيط .. وما تحته
واقتحم النهد .. وأسواره
ولم يعد من ذلك الكوكب

ثم تلتها عدة قصائد أثارت جدلا واسعا كقصيدة “قالت لي السمراء” و”طفولة نهد” و”السامبا”؛ حيث خرج نزار عن المألوف في التغزل بالمرأة وبشكل يخجل منه العامة جهرا ويحبونه سرا، فَصَوَّر المرأة وجناحها وشهوة الرجل وغريزته؛ وقد تلقى نقدا كبيرا وخصوصا ممن يهوون تصنيف الناس على أنهم يمين وشمال ومؤمن وكافر…

أما بعد نكسة 1967 -التي كان لها وقع سيء على كل مواطن عربي حر- فقد جعلت من نزار قباني شاعرا ثائرا على الجُور ناقما على الظالمين منقلبا على الأعراف العربية، ويبدأ هذا التحول في ديوانه “يوميات امرأة لا مبالية” الذي استهله بقوله:

ثُوري!
أحبّكِ أن تثُوري، ثُوري على شرق السبايا والتكايا والبخُورِ،

ثُوري على التاريخ، وانتصري على الوهم الكبيرِ، لا ترهبي أحداً فإن الشمس مقبرةُ النسورِ،

ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السرير.

هنا يضطر “شاعر المرأة” أن يصرخ بلسان المرأة وأن يستعير ملابسها ويلبس حليها لكي يصف اضطهاد المرأة في الوطن العربي. لكن، هل فعلا كانت زمجرة نزار هدفها مطالبة النساء بالثورة لنيل حقوقهن، أم ينادي بثورة حقيقية على الوطن العربي الغارق في وحل الظلم والفساد والطغيان والتهميش، أم أن المرأة هنا هي الأمة العربية الثكلى وهذه هي الحقيقة؟!

راوية بن عبد الوهاب

طالبة مهتمة بمجال الأدب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *