الفكر التقليدي وأزمة مواجهة الوباء

الحكمة بين دَفَّتَي القرآن والإنجيل

كثيرا ما نسمع النقاشات البليغة عن الأفكار والحلول لتخطي هذه الأزمة التي تمّر بها البشرية، وهناك بعض الناس الذي نسمعهم لكن للأسف هم أيضا غارقون داخلة دوامة المشاكل نفسها، عاجزون عن عدم المرور من سبيل العادة والأنماط والخلفيات التقليدية لتفكيرهم حتى لو كان بين يدي أحدهم جواز سفر أمريكي ويعيش طوال عمره هناك، هذا لا يعني أنه يفهم أكثر من الآخرين، اليوم مدن صغيرة -على سبيل المثال بيت لحم (Bethléem) – تتعامل مع هذا الوباء أفضل من إيطاليا وأمريكا…، واليوم ننظر إلى الأردن وتعاملها العقلاني مع الوباء. فليس شرط أن يكون بين يديك كتاب مقدس وتحكي بطريقة انفعالية وبكاء مفعم بالوجدان وكأن الحديث هنا هو الأتَمُّ والأصح.

إن أي شخص رجلا كان أو امرأة، مشهورا أو غير ذلك، ينشر رسالته داخل مجتمع ما بدعوى أنه بإمكاننا مواجهة هذا الوباء بكتاب أو آية -قرآنا أم إنجيلا- أو تقرير ما وجده على النت أو كتاب قديم عن ترامب أو أميركا أوالصين … أو تحليلات من هنا وهناك، فهذا الرجل أو المرأة أخطر من الفايروس بنفسه، فبعض المشاهير هم كالتجار الذي يستغلون ظروف الناس بهذه المحن. طبعا هذه ليست دعوة لإغلاق الكتب المقدسة بل العكس، هذا في بعض الأحيان يعطي مفعول Placebo -الدواء الوهمي؛ لكن استخدم الحكمة من كتابك المقدس لاستنباط الطرق السليمة والواقية من هذه الأمراض، ولعل الكتب الدينية مليئة بهذه النوعية من العبر، {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} الآية 195 من سورة البقرة؛ ثلاث عِبر مفعمة بروائح الحكمة لمواجهة هذه الأزمة.
الحكمة الأولى “وَأَنْفِقُوا”؛ والغريب أن من الفانين الأثرياء الذي جنوا خيراتهم بسبب الجمهور الواسع الذي يعاني اليوم ولم نسمع أي مبادرة لأي فنان ثري ولو نقطة من جزءٍ من ثروته. الحكمة الثانية “وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ” وهي واضحة تحمل معناها بين أحرفها، والحكمة الثالثة “وَأَحْسِنُوا” فيجب أن نحسن بكل شيء حتى بالنصيحة ونوع الكلام الذي نلقيه و نكتبه.

كذلك، بالعودة إلى الإنجيل فهو أيضا مفعم بالحكم. فكثيرا للأسف نسمع عن اقتراب نهاية العالم وعودة المسيح ونظريات غريبة وعجيبة، مع أن المسيح ذاته يقول: “وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ” (إنجيل مَتَّى 24: 6)، وفي آية أخرى: “فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ” (متى 24: 4) ، ويمكن القول أن هذه أفضل نصيحة نأخذها منه.
كل منّا أصبح له درجة من الوعي ولو بشكل نسبي من شخص إلى آخر، ليعرف أنه هناك الكثير من المؤامرات وهناك أمور غير مفهومة ككيفية اشتغال العالم، ومن المسيطر عليه؟ ولكن مهما كانت نظريتك صحيحة، وحكينا عن الحكمة والدروس التي يمكننا أن نتعلمها من هذه النوعية من الكوارث الخطيرة. ولا نغفل عن المؤامرات والصراع الدائم بين أمريكا والصين، وبإمكاني اليوم أن أخرج بمائة نظرية مقنعة عن ما الذي يحدث، ولكن ولا نظرية من هاته النظريات ستساعدنا في إيجاد حل هذه المشكلة طبيا في الوقت الحالي؛ فالنظرية الوحيدة القابلة للتصديق أن هناك مشكلا أمامنا وعلينا التعامل معه بشكل مباشر، هذه هي الحقيقة الواضحة أمامنا.

شخص مثلي و مثلك لا يستطيع التفكير وإعطاء حل في الوقت الحالي، فالحل هو التعامل المباشر مع الأزمة، هناك فيروس يمكن أن يكون طبيعيا أو صناعيا أو وهميا، او حتى بداية حرب بيولوجية، لا يهم، فما يجب أن نكترث له هو الوقاية منه، فالخير الوحيد هو العلم والشر الوحيد الجهل.

محمد ايت اباحمو

كاتب، و طالب بالمدرسة العليا للأساتذة تخصص فلسفة ، 20 سنة، و مهتم بقضايا العصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *