عادتك الشهرية رفيقك الوحيد وأنت لا تبالين

بوح بأسرار أنثوية

آلام أسفل بطني، مزاج غير لائق بكل من حولي، نفسية زادت اضطرابا كأن هذا ما كانت بحاجة له، مخاطة رحمي تتخرب، تتمزق، فتتجزأ قطعا قطعا. يوم متعب آخر وسط هذه التراجيديا المملة.
فماذا لو كانت هذه الدورة تضفي حياة على حياتي بل وخاصة وسط هذا الحجر الصحي؟
أحاول جاهدة التقليص من حجم ألمي؛ عفوا، بل أحاول إقناع عقلي بذلك.
أفكر في الاستلقاء قليلا، أتمدد على السرير، أسحب الوسادة الزهرية من وراء ظهري ببطئ وحذر شديدين، أضعها على بطني تماما، ثم أسند رأسي على العمود الحديدي خلفي، أقوم بإنزال الوسادة حتى أسفل بطني وأعيدها للأعلى بمهل، أكرر الحركة لدقائق؛ أووه لم أفلح في شيء، أشعر بملل حاد ذاخلي إثر ذلك والأكثر حدة هو زيادة حجم الألم عوض نقصانه، أفكر في عدم الاكتراث، هاااه فما لألمي هذا من قيمة أمام آلامي الداخلية الأخرى؟
أشعر ببرودة قدماي، أحاول الجلوس على السرير، فيصطدم رأسي بذلك العمود اللعين، أ أنا بحاجة لهذا الآن؟
أزداد غضبا بينما كان هدفي الحد منه. حسنا! حسنا! لن أكترث بعد الآن.
أجلس لدقائق، يداي فوق الوسادة، أوجه رأسي نحو الأعلى، أركز في علو السطح، هاااه أفكر في تسلقه كما تفعل بعض الحشرات، أضحك على غباء أفكاري هذه.
أقف حافية القدمين، شبه عارية فرغم إلحاح أمي الدائم على أن المشي حافية هو سبب ألمي الشديد هذا إلا أني لا أبالي، فأنا عادة لا أحب التخلي عن بعض تصرفاتي رغم كل شيء. أحس بفشل رجلي، كأني سأطرح أرضا، أتجه نحو الخزانة، أرتدي معطفي الأسود الصوفي، وأفكر بارتداء جواربي أيضا، أجد جوربا واحدا فقط، يبدو أن الآخر ضائع، بينما أحاول البحث عنه، أقول في نفسي “نعم! لقد أفلحت في نسيان الألم” إلا أنني أشعر به مجددا، أوووه كم أنا غبية!.
أبحث وأبحث، أبدأ البحث من الرف الأعلى للخزانة، بعدها بالأسفل، ثم بالخزانة الصغيرة بجانب السرير، لم أتمكن من العثور عليه، ربما لازال في سلة الغسيل بل ربما أزعجني يوما وقمت برميه، فأنا متهورة كعادتي.
أعود للاستلقاء على السرير ثانية بجورب واحد في قدمي اليمنى، لن أضع رأسي فوق ذلك العمود مجددا لن أفعل، أسند رأسي على يدي المشبكتين، ثم أضع الوسادة الزهرية فوق بطني مرة أخرى عفوا بل أضع الوسادتين معا، هاااه أظن أن استعمالهما معا يمكن أن يجني لي معروفا، أكرر الحركة الأولى أي أنزلهما معا حتى أسفل بطني وأرجعهما معا للأعلى، بقيت أكرر العملية لمرات عديدة بل أربعين مرة بالضبط، وصلت المرة التاسعة والثلاثون فكررتها مرة أخرى كوني لا أحب الأعداد الفردية.
تراودني هذا الشهر أيضا نفس الأسئلة والأفكار بل أنها زادت أثناء هذا الحجر، فأنا لم أقل يوما رغم وصولي لأقصى درجات غضبي وأنا حائضة “ياريتني كنت ولدا!”، بل في كل شهر كنت أستغل الفرصة بشغف، نعم! كشغف طفل صغير في التفكير في سبب وراء زيارتها لي كل شهر، سببا غير ما قرأت عنه كثيرا في بعض الكتب وما درسته في الفصل، أردت دائما فهمها فهي لاتزال وفية لي منذ أن كنت في السنة السادسة الابتدائية بل وزادت وفاء في هذه الفترة كأنها تعلم أشد حاجتي لتواجدها، تزورني مرة كل شهر أي اثنتا عشرة مرة في السنة، بل وأنها لم تنسى زيارتي شهرا.
أحس ببرودة رجلي اليسرى، فأضع رجلي اليمنى فوقها، هاااه أحاول جعلها تحس بالدفئ من طرف أختها قليلا، أمددهما معا على السرير، أغمض عيني، وسط ذلك السواد القاتم، أسأل نفسي مجددا: أتزيدني ألما على ألم كي أزداد قربا وفهما لنفسي وجسدي هذا؟ أو أنها تحاول كل مرة إخباري أنها لا زالت معي، لم تهجرني، تزورني شهرا بعد شهر، تتحملني وتؤنس وحدتي، وأنا لا أكترث بهذا؟ أم من الممكن أنها تسعى بزياراتها لجعلي قوية، فأقوى، ثم أكثر قوة كالموت وأنا لا أبالي بذلك؟
كنت على علم أن مخاطتي تتخرب، أستشعر ألمها الحاد بداخلي، و نزول دمها الغير المؤكسد خارجي، لكن لا إدراك لعقلي بذلك.
حقا كم كنت غبية؟ نعم! بل أكثر غباء.

عادتك الشهرية رفيقك الوحيد وأنت لا تبالين

Exit mobile version