فيلم “المنصة” الإسقاطات

تحليل لبعض الأبعاد الإنسانية لفيلم المنصة

فيلم المنصة، أو بالإسبانية EL HUYO هو من أبرز الأفلام التي شاهدتها مؤخرا والتي تحمل أكثر من رسالة. فبعد انتهائي من مشاهدته لم أستطع كبح الأسئلة التي تدور في مخيلتي، وهذا ما حدث مع الجميع على الأغلب!

فللفيلم إسقاطات كثيرة شملت أصعدة وأبعادا عديدة كالبعد الديني والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي… فإذا حللناه وحاولنا استيعابه من الجانب الاقتصادي-السياسي، فحتما سنجد أن الفيلم انتقد الراسمالية المتوحشة القائمة على فكرة الإقصاء، والتي تأخذ أكثر مما تحتاج وتكتنز الثروة ولا تترك إلا الفتات للطبقات المتدنية .

فمثلا عند سؤال العجوز لبطل القصة إن كان شيوعيا، أظهر لنا الكاتب هنا البرادوكس الذي يعيشه العالم. فبالرغم من أننا متضررون من الرأسمالية والطبقية الجائرة ،الا اننا نختار الراسمالية لأن الحكومات والإعلام رسخا معا في أذهاننا أنها هي الحل والشيوعية الماركسية هي الخطيئة.

قد يكون السيناريست أراد أن يتبنى الأفكار الماركسية، فصور لنا في مشهد أراد فيه البطل أن يحمل الرسالة “ليرد عليه الاخر بانه ليس من المهم ان يكون للرسالة حامل” في تأكيد منه على فكرة كارل ماركس التي  تقول إن” الدين أفيون الشعوب والأديان خرافات لاغير”.
أما إذا نظرنا إلى الفيلم من زاوية أخلاقية فلعل أبرز قيمتين في الفيلم هما التضامن والتضحية بدلا من الجشع والأنانية التي أصبحت تنخر منظوماتنا الأخلاقية، والتي لم نجني من ورائها إلا الخراب. هذه الإسقاطات الاجتماعية للفيلم والتي شدد الكاتب من خلالها على كلمة التضامن الآلي الذي ناقشه الفيلسوف الفرنسي ايميل دوكهايم من خلال كتاب “تقسيم العمل الاجتماعي” بحيث قسم مفهوم التضامن إلى قسمين: تضامن آلي  يحدث في المجتمعات البدائية، وتضامن عضوي يعبر عن تماسك أقل ويكون بالمجتمعات الصناعية، وهذا هو التضامن السائد حاليا؛ وما الفيلم إلا صورة سريالية عن مجتمعنا.
وبنظرنا لما تطرق له الفيلم من حيث الجانب الديني، نرى أنه  صور لنا أن الإدارة هي الخالق والإله، حيث كل شيء مصنوع بعناية كبيرة من خلال مشهد -الشعرة التي كانت في الأكل وكل شخص يصنع له الأكلة المفضلة – وهذا دليل على اختلافنا كبشر.

فالطباخون هم الملائكة والحفرة تمثل لنا الحياة الدنيا بما فيها من شر، وقد تمثل هنا من خلال الطبقة العليا والتي ترضي شهواتها فقط متناسية الطبقة الدنيا التي تأكل بعضها البعض بسبب الفقر.

أما الكتاب والرسالة وشخصية الطفلة فما هم سوى رموز عن كتب سماوية وعلاقة متبادلة بين الخالق والمخلوق عامة.

في الأخير، لا يسعنا القول بأن هذا الفيلم له رسائل عميقة لأن  تحليله سيكون مختلفا على حسب ذوق وثقافة كل  شخص، لكن يمكننا الجزم بأنه من أحسن الأفلام التي تعرض حاليا على شبكة نيتفلكس.

راوية بن عبد الوهاب

طالبة مهتمة بمجال الأدب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *