كيف سنواجه “اللاعقلانية” العربية 4

الفلسفة تساءل العقل العربي

لقراءة الأجزاء السابقة:

الجزء الأول           الجزء الثاني           الجزء الثالث


أقيم بتونس سنة 1988 مؤتمرا فلسفيا تحت عنوان “محاكمة العقل العربي”، وكان الغرض من هذا اللقاء صياغة مشروع حضاري عربي يسهم في تنوير الواقع العربي ممارسة و فكرا. إذ يصف الأمين العام للمنظمة العربية للثقافة آنذاك “محيي الدين صابر” مثل هذه الندوات باعتبارها تعبيرا عن الحاجة إلى تصور جدي ومؤسس على العقل تتجاوز به الأمة العربية واقع التخلف والتجزئة والتبعية إلى واقع جديد، موحد ومبدع أيضا.
وشارك في المؤتمر فلاسفة عدة: من المغرب علي أومليل ببحث تحت عنوان: “الذات والمغايرة…مفهوم الاختلاف في الفكر العربي”؛ ومن ليبيا: “محمد يسين عريبي” ببحث تحت عنوان: “الصورة التخطيطية لبحث الفهم والعقل والصراع بين الأنا المنطقية والأنا الجدلية من منظور ابن سينا والغزالي”؛ ومن سوريا: “حليم بركات” ببحث تحت عنوان “العقلانية والمخيلة والثقافة العربية”؛ ومن فلسطين: “ناجي علوش” ببحث تحت عنوان: “العقلانية في الممارسة السياسية العملية”.

 ويعرف علوش “العقلانية” على أنها إخضاع كل ما في الوجود للعقل، وباعتبارها ثورة فكرية واجتماعية، يخلص إلى القول بأن أزمة العقلانية العربية هي أزمة الممارسة السياسية العملية.
وقد سعى “مصطفى حجازي” في بحثه المعنون: “نحو عقل عربي مستقبلي” تقديم رؤية فلسفية بالاستناد إلى فجوات العالم العربي، حيث يؤكد على ضرورة “تحول الذهنية الإنفصالية التجزيئية إلى ذهنية وحدوية تأليفية، وتحول عقلية النفوذ إلى العقلية المؤسسة، والتحول من التوجه الذهني الاستبدادي إلى العقلية الديمقراطية، والتحول من القطيعة الذهنية إلى العقلية العلمية والإبداع”. و اقتراحات حجازي تتماشى، نوعا ما، مع تصور حليم بركات للعقلانية.
وواضح من خلال هذه العناوين وهذا الجهد الفكري الذي بذله هذا الجيل من المفكرين بغية إيجاد حل فعلي لما تعيشه مجتمعاتهم من تهميش وعدم استقرار وخوف، أنه لا توجد هناك صعوبات بدئية من المحتمل أن تحول دون تحقيق الوحدوية والتضامن الاجتماعي بين الشعوب العربية، خاصة وأن لها مجموعة من الخصائص المشتركة بدءا من اللغة، مرورا بالدين والثقافة والأرض كذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *