“رمضان” هل من أعمال

صُمْ واتْلُ.. اسجُد واقترب

 
يا صائما رمضان من أول الشهر
قم توج الإيمان بالصوم والذكر
اسأل عن الجيران ان كنت لا تدري
لا تترك  للجوعان الجوع والفقر
فمحبة الإنسان هي غاية الأمر
أكثر من الإحسان لتفوز بالأجر

طل رمضان فحضرت الأفراح، وابتسمت الأرواح، وغردت البلابل، وشعت المساجد (حتى ولو كنا مفارقيها لضرورة سبقت حاجة يا سادة) فاستعدوا لرمضان، وتهيؤوا لجماله، وافرحوا بمحاسنه، فقد حضرت الرحمات، وحلّت البركات، اقترب سيدنا رمضان (كما أحبت والدتي أطال الله في عمرها تسميته) فحضرت الجنان المفتحة، والنيران المغلقة، والحسنات المتلهفة…

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل في القرآن الكريم في الآية 183 من سورة البقرة {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وبناء على الآية الكريمة فصيام شهر رمضان المبارك يعد بذلك فرضاً على كل مسلمٍ ومسلمةٍ بالغين عاقلين، حيث يعاقب من يترك صيامه، على العكس من صيام التطوّع مثلا  الذي يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. ويأتي شهر رمضان مرةً كل عام، ويصومه الناس بفرح وسعادة وتنتشر البهجة والمشاعر الروحانيّة في الأجواء، وتكثر فيه الزيارات العائليّة والجلسات والسمر والسهر، وفيه أيضا تحبس الشياطين.

ويعتبر هذا الشهر من أقدس الأشهر عند المسلمين حيث نُزّل فيه القرآن الكريم، وفيه أيضاً ليلة القدر التي تعادل ألف شهرٍ عند الله سبحانه وتعالى كما جاء في القرآن الكريم،{إن أنزلناه في ليلة القدر} [سورة القدر- الآية 1]… ففي رمضان أمهات الفضائل… فكيف لعاقل رزين، أن يغيب عنها أو يتجاهلها، فاجتهد سيدي(تي) ، وسارع وكن سباقا إلى حصد ما استطعت من وادي الحسنات (وأوصي نفسي بذلك {وفِي ذلك فليتنافس المتنافسون} ) [سورة المطففين – الآية 26]. فإذا سألنا الله أن يبلغنا رمضان فنسأله كذلك أن يبارك لنا فيه… لكن ليس الشأن في بلوغه ولكن العبرة بما سنعمل فيه، ولما لا نستمر في ذلك لما بعد رمضان (والمقصد هنا الخير والمواظبة عليه) فكيف السبيل إلى ذلك ؟؟؟ (مراعاة ظروف الحجر الصحي) الطريق الأمثل لما سبق أن عرضنا يتجلى في العمل على أربعة نقاط “رئيسية” تتجسد في الآتي:
*أولًا: تعظيم رمضان في القلب: (كيف؟)  قال النبي صلى الله عليه وسلم «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». تعظيمُ الشهر في القلب: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج- الآية 32]. «قيل لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قال: كلُّ مَخمومِ القلبِ صدوقِ اللسانِ.. قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفه، فما مخمومُ القلبِ؟ قال: هو التقيُّ (النقيُّ) لا إثمَ فيه ولا بغيَ ولا غِلَّ ولا حسدَ» ». وإذا صدق القلب، صدق اللسان…! وللوصول لذلك وجب علينا إذًا الاستماعُ يوميًا إلى دروس أو محاضرات أو قراءة مقالات على الانترنت أو في الكتب الشرعية، عن أمراض القلوب ونواقض الإيمان وأسباب ذلك ووسائل علاجه، وجدولةُ ذلك في جداول زمنية مرنة ومتوازنة..
* ثانيا: ترميم الفرائض: وأول الفرائض سيدي(تي) صلاتُك.. تلك أحب الأعمال إلى الله.. الصلاةُ هي “ختم” قبولِ وصلاحِ سائر أعمالِك كلها..،فالصلاةُ كالميزان لأعمالك الطيبة كافَّة..! إياك أن تضيعها مهما كنت من المفرطين..! والدليل لذلك الاستماعُ يوميًا إلى دروس أو محاضرات أو قراءة مقالات على الانترنت أو في الكتب الشرعية، عن فرائض الإسلام وأركانه، من حجاب وشروطه، وصلاة وصفتها، وصيام وأحكامه، إلى آخر فقه العبادات فيما يخص الفرائض والواجبات، خاصَّة الصلاة، عماد الدين.. 
*ثالثا: تجنب المعاصي:  “وما نهيتُكم عنه فاجتنبوه” ….. المعاصي عدمُ ظلم النَّفس في الشهر المُحَرم بالمعاصي والسيئات ولا ظلم النفس كذلك بالتقصير عن الحسنات والطاعات.. ولا ظلم النفس بظلمنا للآخرين وأكل حقوق الناس.. وذلك بقراءة مقالات على الانترنت أو في الكتب الشرعية، عن الذنوب والكبائر والصغائر ودرجاتها وأنواعها، وحقوق الأُخوة في الإسلام، والظلم المُحَرَّم بين العباد، وكيفية التوبة من كل منها وشروط ووسائل ردّ المظالم…. وما شابَه ذلك.. 
*رابعا: التزام الذكر(قراءة القرآن الكريم) {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [سورة الحديد- الآية 16].. فلنقف عند الكَلِمِ الطيب ياقراء، متأملين، ولنكرِّره بضراعة وخشوع .. قلوبُنا قستْ، وقد آنتْ مَواسِمُ الإفاقةِ والتليين.. والوصال لذلك دراسة كتب كيفية تدبر القرآن، الاستماع لاشرطة تعليمية…. كما نقول أبدا (فالمعرفة تخرج من بطون الكتب وافواه الرجال)، فطوبى لمن صان غنائمه وضاعف فيها (النوافل)…

 ولا يفوتنا في الأخير التأكيد معشر القراء على أن رمضان فرصة لنا لإعادة ترتيب أوراقنا اذا صح المعنى.. لنبتعد عن شهواتنا، رغباتنا، ملذاتنا الدنيوية ولنجعل من رمضان بداية الانطلاقة الكبرى لمجد عريض وعزة عظمى، فرمضان شهر النصرة على النفس بامتياز.. واعلموا معشر القراء الأعزاء، وليبلغ منكم المطلع من لم يطلع أن مساجدنا ستستقبلنا مرة أخرى (عاجلا ام أجلا ان شاء الله) وقد تزينا بأجمل الثياب، وتعطرنا بأجود العطور والبخور، وهي تتمنى (المساجد) أن نبقى معها بعد رمضان، فلنحرص إذا على ذلك، فإن مساجدنا الذي عشِقتنا، وأحبت عشرتنا وصحبتنا ستظل دوما تحبنا، وستكون أبوابها مفتوحة من جديد، تستقبلنا كل أيام السنة بالحب والعرفان.
 ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين، نسأله تعالى أن يرفع عن الإنسانية جمعاء المسلمين وغير المسلمين هذا الوباء الخبيث، وغيرها من الأمراض والأوجاع الضارة وأن يبلغنا رمضان ونحن في أحسن الأحوال ويكتب لنا أجر صيامه وقيام ليله، وتلاوة القرآن الكريم فيه، وإدراك ليلة القدر وقيامها، ولا يختمه علينا إلا وقد جعلنا الله من المقبولين، وغفر لنا ولكم ورحمنا ورحمكم.

وكل عام وأنتم بصحة وعافية وبركة، وعواشركم مباركة.

“رمضان “هل من أعمال؟

Exit mobile version