أحجية الحياة

بحثا عن سر الوجود وكنه الحياة

ما الحياة؟
ما الذي يجعل الناس متشبثين بحبل الحياة؟
ما دافعهم للبقاء؟
سؤال آرقني و أبعد النوم عن جفوني ‘لى أبعد مدى؛ هناك من سيقول أن الحياة هي أن تكون لك أسرة وعمل وأولاد تلقاهم أمام باب بيتك بعد يوم عمل متعب يأخذ منك كل مأخذ، أن تدخل وتجد طعاما وشرابا يسد صرخات معدتك ويروي ظمأك. تنام ليلا وبالك مرتاح لا دين لا عقاب لا شيء يؤرق تفكيرك ! كيف لا وقد سددت كل ديونك وأخذت كل ما كنت تحلم به عندما كنت صغيرا، نعم أحلامنا التي كانت ترافقنا ليل نهار عندما كنا نلعب دور الملائكة.

وهناك من سيسخر من هذه الفكرة قائلا أن الحياة هي المال! الكثير منه والسفر والاحتفالات هم المعنى الأساسي للحياة، أن تعيش الرفاهية، أن ترافق كل من راقت عيناك وغطت شهواتك، أن تجوب البلدان باحثا عن ثقافات جديدة، أو رفقة جديدة، تعيش مغامرات يومية …

هناك من سيدحض هذا وذاك قائلا أن الحياة هي البحث عن الذات، هي رحلة طويلة المدى قصيرة الزمن، تبحث فيها عن مسعاك في هذا الكوكب، تعتزل بنفسك، تصاحب أناسا، تتلقى إرشادات وتجارب تزيد من حكمتك وذكائك وقربك للجواب، هي رحلة، هي أحجية تبدأ في حلها مع أول صرخة لك في هذا العالم، تتعلم الكلام والمشي والمعارضة والحب والتضحية، تتعلم وتتسلح بالمعرفة حتى تأتي ساعتك كما يقولون لتعطي المشعل لشخص آخر كي يتمم ما بدأته أنت.

وبين هذا وذاك، قصص وتجارب تحاك وتروى، تربط بحبل وثيق مع المجتمع والأسرة والزمان. لكن ما الجوهر الحقيقي من وجودنا؟
ما حافزنا لكل هاته الإجابات؟
أسئلة من بين أخرى تراودنا بين الحين والأخرى، فكيف تعلم أن نمط حياتك الحالي هو ما يسعدك، هل حقا بلغنا وتمكنا من تعريف السعادة؟
هل حقا هي وجود الحب؟
أو أن تكون بين أصدقائك …
أو أن تسافر وتعيش تجاربا …
أو أن تساعد الناس؟

هناك من يجوب الأزقة باحثا عن المال، آخرون عن الهدوء، فئة أخرى تجد الانعزال ملجأ من تداعيات الحياة، كل واحد له جانبه من الحياة لكن الذي يجمعهم هو المقاومة، الكل يقاوم كي يعيش أطول مدة ممكنة، هناك من يتوهم أن الحياة مرتبطة بالعمر ارتباط الحبل السري بالجنين، ونسوا أن الحبل بحد ذاته لا يمكنه أن يتشبث بنمو الجنين طويلا، نسوا أن هناك شبابا في العشرين تقضي نحبها وهي مستمتعة بشهوات الحياة، نسوا أن أطفالا لم يلفظوا كلمة واحدة غادروا العالم، أهملوا الأطفال الذي يصدمون ليل نهار، ربطوا الحياة بالزمن وأطلقو العنان لتمردهم وجموحهم في الحياة بين لهو وسفر وشهوات …

لو تأملت السماء لوجدتها تبكي كل ليلة لحالنا،
لو تأملت النجوم لوجدت نورها ينطفأ لك ليلة حزنا علينا،
لو راقبت الغيوم لوجدتها غاضبة سوداء قاتمة،
لو استنشقت الهواء لوجدته مريضا بأدخنتنا،
لو تذوقت الماء لوجدته تسمم بكراهيتنا…
رغم كل هذا لا زال كل واحد منا يبحث عن غاية وجوده وسعادته في هاته الأحجية…

أحجية الحياة

إيمان عزى

مهندسة إعلاميات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *