و يسبح الرعد بحمده

وميض وهزيم

تترسخ في أذهاننا أصوات الرعد والبرق المهيبة ويتملكنا الخوف والرعب سواء كنا رقيقي الأحاسيس أو من المتجبرة قلوبهم؛ فتأثير البرق والرعد على الأفئدة سيان عند البشر. يزداد قلقنا وهلعنا وتخوفنا من أن يتصادف الرعد مع صعقة مميتة، يرتفع هرمون الأدرينالين تدريجيا … نفكرنا في إخواننا وأبنائنا وأمهاتنا وآباءنا الذين لم يعودوا إلى المنزل بعد… نتنمى فجأة أن يكون جميع البشر في منازلهم آمنين.

 وتخف مشاعر الهلع والخوف تدريجيا مع شروعنا في قراءة الأدعية وبعض آيات الذكر الحكيم، نتضرع فيها إلى رحمة الله، تخشع قلوبنا بالتسبيح والحمد راجين من الله تعالى لطفه بنا لأن احتمال الهلاك وارد.. فهذه ليست أصواتا عادية، إنها جند من جنود الله وإحدى آياته العظيمة.

ويأتي الفرج والرحمة على هيأة قطرات مطر معلنة نهاية المحنة والاختبار وتاركة آثارا جلية على مدى ضعف البشر أمام قوة الله سبحانه؛ ويتلخص هذا المشهد في قوله تعالى : {وَيُسَبِّحُ اُ۬لرَّعْدُ بِحَمْدِهِۦ وَالْمَلَٰٓئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِۦۖ وَيُرْسِلُ اُ۬لصَّوَٰعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَّشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِے اِ۬للَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ اُ۬لْمِحَالِۖ } (الآية 14 من سورة الرعد)

الرعد والبرق اللذان يبثان في قلوبنا الخوف والهلع ويعودان بنا إلى رحاب الله لهما بركات وفوائد جلية على هذا الكوكب، فالبرق مثلا يولد حرارة جد عالية تصل ل 53540 فهرنهايت (أي ما يفوق 29000 درجة سيلسيوس)، وهي حرارة كافية لإحراق مقدار كبير من الهواء المحيط مما يؤدي إلى هبوط الضغط الجوي مباشرة، وبهبوط هذا الأخير تمطر الغيوم، إضافة إلى أنه عندما يلمع البرق بتلك الحرارة فإن قطرات الماء تتأكسد، ونحن نعلم ما لهذا الماء المؤكسد من آثار في القضاء على الجراثيم؛ ويقول الأخصائيون ان في كل سنة يقل فيها الرعد والبرق تزداد الآفات النباتية.

علاوة على ذلك فإن حدوث البرق والحرارة الشديدة الناتجة عنه تكون حمض الكربونيك الطي ينزل مع قطرات المطرمكونا سمادا نباتيا يناثر على‏ الأرض ويتخللها فتتغذى‏ النباتات عبر هذا. ويقول بعض العلماء: إنَ كمية السماد الحاصل من حالات البرق في السماء خلال سنة واحدة يبلغ عشرات الملايين من الأطنان، وهذا رقم مرتفع للغاية.

لقد هلك قوم عاد وثمود بالصاعقة، وقد كانوا من الأمم الكافرة في الأزمان الغابرة… “يراودني شعور أنها نهاية العالم كلما شاهدت وميض البرق وسمعت هزيم الرعد، لكني سرعان ما أهدأ من روعي قائلة: لقد كانوا كفارا طغاة، أما نحن فلا، نحن خير أمة أخرجت للناس وسيكون الله رحيما بنا”.. هكذا علقت إحدى القارئات الوفيات لمدونتنا عند اقتراحها لسورة الرعد.

و يسبح الرعد بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *