ما ضرنا لو بحنا

سلام على ملاقي السلام

أمي، الوضع هنا لا يرحم هلا أتيت؟لا أسوأ من أن يبدو حزنك مبتذلا، عبيطا أو مبالغا فيه، الحزن لا يأخذ شكلا من الأشكال، هو حزن في النهاية لا أقل أو أكثر؛ الحزن واحد لا تعاريف عدة له.

يومها لم أخبرك أنني كائن انطوائي يميل إلى عزل مشاعره الحقيقية مهما انسجم وسط الحشود، لا حاجة له بأن يملي عليهم ما ضر خاطره أو ما مر به من صعاب، لكنك بطريقة ما أصبت مكانا للمرة الأولى فكانت أذنك المستقبل الأول والأخير لكثير من البوح الذي ما كان بالنسبة لي إلا الفتات مما مررت به.
كانت كلماتي تقترن بجموع حسي، يعتنقان بود ويعتليان عرش حنجرتي وما يفتئان يتحولان لتأتأة أمام “ما بك؟”، فتتحول التأتأة لكلمات وجمل فصيحة أمام “الما بك؟” حقك.
تمنيت مرارا لو بإمكاني استعادة كلماتي والذهاب ولو في طريق مجهول الطيات، المهم أن لانكون عابرين ألما ببعضهما البعض ألما ومرا مرور الغير الكرام، البوح يا سيدي مؤلم وبوح المجروح مجروح إلى أن تصعد روحه.
أمي، أنا متعبة؛ مر على صغيرتك من المر ما صعق روحها، والروح ما تصعق إلا لتحيا، هذه الحياة الجديدة ثمار السنين العجاف ورحمة من العلي الذي قال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِين}، فبشرت.
وهكذا، بحت للمرة الثانية دون خذلان، حملت جعبتي بكلام السنين العجاف الطوال، ولم أكن في حاجة لترتيب كلماتي المعطوبة ولا إلى أن أحسن صياغتها، وضعتها هكذا كيفما هي بكل عفوية، مع بواقي الجراح و كل عزيز ما عاد عزيزا، وضعتهم في سياقهم -النكرة- الجديد، لم أنسى إضافة تلك الأحلام المؤجلة، سكبت ما أفترض أنه ألم و منحته الله، منحته آلامي دون ترتيب فأعطاني بدلها سلاما ربانيا من عنده.
السلام غاية ليست دائمة المدرك، فهي جلية الحس وبالغها متذوق لعنان الروح، آت بعد شحن القلب شحنا ذاتيا تدريجيا من خلال الانسياق للأفعال الخيرة وتطهير القلب من شوائب بني البشر، فمدركها قد تجبر على مره وآهاته وعانقها عند بلوغه إياها بتودد المحروم.
فسلام على ملاقي السلام.

ما ضرنا لو بحنا

مريم الكبوحي

طالبة إقتصاد السنة الثالثة تسيير المقاولات ومدونة بفريقكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *