خواطر في زمن كورونا

خواطر عن الإنسان

أبشع ما في الإنسان هورغبته الدائمة في أن يكون سيدا وذا سلطة، وسيطرته على كل شيء حتى على الطبيعة من حوله، أراد الإنسان أن يكون سيد الطبيعة ومالكها لكن الطبيعة لن تسمح بذلك فهي ترد على الإنسان بطرقها الخاصة والفريدة التي قلما يجد لها طريقة ناجعة للردع؛ وأقل ما فعلته الآن هو هذا الفيروس الذي يذكر هذا الإنسان بمصيره المشترك مع جميع الكائنات، مصير الاندثار، الأفول، الموت، كأنه لم يكن. كل الرياح والخيول تقول لهذا الإنسان: “الطبيعة سيدة نفسها مالكة نفسها، احترمني أيها الإنسان أو سأقلب عليك هذا التراب”.
جاءت سنة 2020 لتذكر العالم أن الإنسان مشترك في كل شيء ليس فقط بين رقمين بل في المصير الكوني والآلام والأوبئة والسلام والحفاظ على البيئة.
السؤال الذي يمكن طرحه الآن هو: هل يمكن لهذا الإنسان أن يتغير وأن يتحرك من جديد؟

كل ما يؤرّق الإنسان في حياته الواحدة هو تأرجحه بين الثقل والخفة، بين كل ما هو بيني: بين الخير والشر، بين الروح والجسد، بين البناء والهدم، بين الكلام والصمت، بين الأنا والغير، بين الوصل والانفصال، بين الحركة والسكون، بين الخطي والدائري …
لكن شيئا واحد لا يتأرجح بين هذه البينية، إنه الأرق الأزرق اللانهائي.
فالإنسان يعيش على اللاشيء، حتى وإن حصل على بعض من الثقة فيما يفعله أو فيما يشعر به أو ما يتبناه أو ما يؤمن به. فهو إذا سألته لماذا فعلت ذلك ولماذا اخترت ذلك فسيرفع يديه وملامحه مندهشة قائلا : هكذا حدث وهذا ما حصل! وأحيانا أخرى يجيب بأن هذا هو المكتوب. حتى أولئك الذين يعتقدون أنهم يسيرون بخطوات ثابتة ويعرفون ماذا يريدون وما يهمهم وما هي نقطة وصولهم، يتلاشى كل شيء من ذلك. يحمل الظهر ذلك الكرسي ويجلس أمام ذاكرته، بل الأصح أمام ذاته، تاريخه الهش، وجوده العدمي، أمام تلك الحركة العنيفة لليد التي تلطخ كل شيء، تبعثر وتشوه ملامح هذا الإنسان، هذا الجوهر، وفي الأخير يأتي جلادنا الزمن ويتعاون مع هذا الفراغ الأزرق لتأديبنا…

هجر بوليف

طالبة ماستر المناهج اللغوية والأدبية لتدريس اللغة العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *