ومن الخيال ما أحيا

قوة الواقع من قوة الخيال

أثبت علماء النفس الإكلينيكي والتجريبي أن الجهاز العصبي والدماغ لا يستطيعان التمييز بين الحقيقة والخيال، قد تجد ذلك غريبا لكن فعلا الدماغ عندما يستقبل المعلومات ويحولها  إلى صور ذهنية فهو لا يفرق بين ما إذا كان ما يستقبله قد رأته العين حقيقة ام انه مجرد نسج من المخيلة وعيني الشخص مغلقة!

ولنا في هذا من القصص ما يؤكد ذلك:

ـ  في حرب الفيتنام وقع طيَّار يُدعى “جورج هول” أسيرا في يد الجنود، فتم وضعه في صندوق مظلم لمدة 7 أعوام، وفي كل يوم كان الطيَّار يتخيل نفسه وهو يمارس رياضة الجولف حتى يُسلي نفسه وينقد عقله من التلف. وبعد إنقاذه من الأسر بأسبوع واحد شارك في مسابقة عالمية وفاز بمرتبة متقدمة جدا.

ـ   في ألمبياد 1980 قام الفريق الروسي باستخدام الطريقة التدريبية  التالية، حيث قام بتقسيم الفريق عشوائيا إلى 4 مجموعات:

والنتيجة كانت أن المجموعة الرابعة حصلت على أكبر قدر من أوسمة الفوز!.

وهنالك العديد من الإنجازات والقصص التي حققها الانسان وكانت بدايتها بعيدة عن العين ومن نسج الخيال فقط، من خلال صور رآها وكأنها حقيقة،آمن قلبه بها ايمانا راسخا لا يتزعزع قيد أنملة،وتخيلها عقله وكأنها واقع مسلم به.

نعم،لنا في الخيال طوق نجاة وحياة أخرى نستمتع بسيناريوهاتها…لنا في الخيال خطواتنا الأولى في طريق التغيير وأهم مقومات التحفيز…الخيال أيضا مصَّاص ضغوطات الحياة من عقل الإنسان،هو أشبه بعصا سحرية تريك كيف تستطيع أن تواجه الصعوبات وكيف تحل المشكلات،هي يد خفية تدلك كيف الطريق إلى حال أفضل من المُعاش.

علينا أن نؤمن بالتدريبات العقلية والتخيلية اكثر من إيماننا بما هو واقعي منها، فقوة الواقع من قوة الخيال،الخيال الذي بممارسته يتحسن أدائنا على أرض الواقع إلى أن يلتقيا الخيال والواقع مع بعض في نقطة موحدة.

كون في خيالك أفكارا وأفعالا وعادات وطباعا ومن ثم ستكون مصيرا جميلا!

أيها القارئ العزيز لا شك أنك تبحث عن الآية التي تخص موضوع التدوينة،خاصة وأنك قد قرأت لحد الان اكثر من 70% من نصها،لا عليك فالقرآن مليء بالآيات التي تستدعي الخيال لدى الإنسان،يقول الله تعالى:

“إذا الشمس كورت، وإذا الشمس انفطرت، وإذا السماء انشقت “

ويقول في سورة الغاشية (من الآية 13 الى الآية 20):” فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) ( صدق الله العظيم)

قارئ هذه الآيات لابد وأنه سيتخيل في ذهنه كل تلك العظمة والقدرة الإلهية وتجلياتها،ولا شك أيضا أن احدا منا قرأ سورة الفيل دون أن يتصور مشهد الطير الابابيل وهي ترمي القوم بالحجارة!

ومن ذا الذي يقرأ سورة الرحمان ولا يتخيل نعيم الجنة وعذاب النار،ولا يحاول أن يرسم صورة في ذهنه للوجوه الناعمة والوجوه البائسة، فيدفعه ذلك الى الاجتهاد في عباداته وشعائره الدينية،وهنا الخيال جاء في موضع دافع محفز على العمل والمثابرة.

يقول سقراط :الخيال هو العلامة الحقيقية للذكاء.

ويقول إينشتاين:القدرة على التخيل أهم بكثير من المعرفة.

ويقول الدكتور سلمان العودة: الاحلام تبدأ من الخيال الذي ينسجه عقلك أو قلبك.

ويقول أحمد أمين مدوّن مصري:الخيال أداة تحامل وإبداع في حياة محدودة الآفاق بحيزها الزماني والمكاني..

ويقول ربي وربكم ورب كل هؤلاء في الحديث القدسي :” أنا عند حسن ظن عبدي بي “.

Exit mobile version