لهم قلوب يعقلون بها

حقائق دينية وأخرى علمية عن القلب

يستحيل أن يكون مجرد مضخة دم !

إنه مصدر أفعالنا الخيرة أو الشريرة ومنبع إيماننا أو كفرنا.. منه وإليه البصيرة أو العمى، وما نشعر به من شك أو يقين فمنه هو، وما ينبع منا من لين أو غلاظة منه أيضا. رأفتنا وقسوتنا، هدايتنا وظلالنا تشكلوا داخله وانبثقوا منه… هو محل الإنسانية أو اللاإنسانية!

يقول الدكتور وليد فتيحي في كتابه “ومحياي”: وقد ذكر القلب ومشتقاته في القرآن الكريم أكثر من147مرة،أوضح الخالق فيها وظائف متعددة للقلب.القلب الذي يتدبر فقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (الآية 24 من سورة محمد).
القلب الذي يعقل فقال:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْارْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَ} (الآية46 من سورة الحج).
القلب الذي يستقبل الوحي فقال:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْامِينُ،عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} (الآيتان 193 و 194 من سورة الشعراء).
القلب الذي يفقه فقال:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا} (الآية 179من سورة الأعراف).
القلب الذي يؤمن ويتيقن فيطمئن فقال:{قَالَ أَوَلَمْ تُومِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ } (الآية 260 من سورة البقرة).
القلب الذي يخطط للمعصية فقال: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (الآية 32 من سورة الأحزاب).
القلب الذي يرينا الخالق قدرته به وعليه فقال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (الآية 24 من سورة الأنفال)، وقال: {كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} (الآية 135 من سورة غافر).
القلب الذي يكتم الحق فقال: {وَمَنْ يَّكْتُمْهَا فَإِنَّهُۥٓ ءَاثِمٞ قَلْبُهُ} (الآية 283 من سورة البقرة).
القلب الذي يحدد مآل الإنسان في حياته الآخرة فقال: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الآيتان 88 و89 من سورة الشعراء).

ومع أن العقل بناء الفهم السائد هو الذي يتدبر ويعقل ويفقه ويخطط، بل إن العقل مناط التكليف، كانت هذه هي رؤية الدين لهذا العضو الجوهري، فماذا عن العلم ؟ ماذا يقول هذا الأخير في العلاقة بين العقل والقلب؟ هل هي سيادية مطلقة أم سيادية متبادلة؟

لقد فاجأ الدكتو أندرو أرمر (أحد مؤسسي علم الأعصاب) العالم سنة 1994 بقوله أن القلب يمتلك جهازا عصبيا خاصا ويمكننا تسميته” المخ الصغير“، ويتكون من حوالي 40000 خلية عصبية ويستخدم نفس الناقلات العصبية التي يستخدمها المخ. وقد أثبت العلم أن القلب يتواصل مع الدماغ من خلال 4 آليات:

  • الآلية الأولى: كهرومغناطيسية كالتي تحدث أثناء الحمل والرضاعة، حيث يمكن للأم أن تنقل الكثير من المعلومات لطفلها عن طريق هذا المجال الكهرومغنطيسي.
  • الآلية الثانية:عصبية حيث يتحكم المخ في تنظيم عمل القلب من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي، إذ تنتقل التعليمات من المخ إلى القلب وتنطلق إشارات غريزية في الاتجاه المعاكس أيضا؛ بل وجد أن تنشيط عصب يدعى “العصب الحائر في القلب ” يؤدي إلى تهدئة النشاط الكهربائي في المخ بنسبة تصل إلى 50% ويعتمد هذا الأسلوب في علاج الصرع وحالات الاكتئاب المستعصية.
  • الآلية الثالثة: ميكانيكية حيث يحتوي الأذين الأيمن للقلب والشريان الأورطي على مستقبلات ميكانيكية للتحكم في معدل ضربات القلب وكمية الدم المدفوع للقلب، وكذلك لما لها من تأثير على النشاط الكهربائي للمخ.
  • الآلية الرابعة: كيميائية وثثمتل في إفراز القلب لست هرمونات تنظم بها عمل غدد رئيسية في الدماغ وتكوين بروتين مسؤول عن حماية الخلايا العصبية في الدماغ. وأحد هذه الهرمونات هرمون “الأوكسيتوسن وهو هرمون الحب والترابط والتوافق والأمومة والتعاطف، والذي يدعم القدرة على التأقلم وتحمل التوترات وكذا التعلم والذاكرة.

يكشف العلم لنا أن القلب يتحكم في المخ أكثر مما يتحكم المخ فيه، ويرسل إليه معلومات أضعاف ما يتلقى منه، وللقلب القدرة على التفكير والانفعال والشعور والعاطفة وتخزين المعلومات. وقد قام الدكتور جاري شوارتز وزملاؤه في جامعة ييل بأبحاث ودراسات ضمت أكثر من 300 حالة زراعة قلب، فاتضح لهم أنه عند نقل قلب من إنسان إلى إنسان آخر فإن القلب المنقول يأخذ معه من الذكريات والمواهب والعواطف والمشاعر والهوايات الخاصة بالشخص الذي أخذ منه القلب؛ ومن بين هذه الحالات:

  • حالة شاب توفي وعمره 18 سنة في حادث سير، وكان هذا الشاب يكتب الشعر ويعزف الموسيقى ويغني، وتم نقل قلبه إلى فتاة في نفس عمره فأصبحت بعد زراعة القلب عاشقة لنفس نوع الموسيقى بل العزف وإكمال كلمات من أبيات شعرية وكلمات أغاني للميت لم تسمعها من قبل.
  • حالة طفلة عمرها 3 سنوات غرقت في مسبح وتم التبرع بقلبها، والمستفيد طفل عمره 9 سنوات وهو لا يعرف شيئا عن المتبرعة ولا كيف ماتت، ولكنه بعد زراعة القلب أصبح يخاف من الماء بعد أن كان يعشق السباحة.

حقائق وتفسيرات ودراسات متواصلة تكشف لنا أن القلب أعقد مما نتصور وقد يكون هو مركز العقل وليس الدماغ.

يقول أينشتاين :”إن القلب هدية قدسية ربانية، أما الدماغ فهو الخادم المطيع لها“.

ويقول ابن القيم: “الصواب هو أن العقل مبدأه ومنشأه في القلب ومزرعه وثمرته في الرأس”.

ويقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات: “أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ،أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *