كهويتي الزرقاء أنت “الجزء الأول”

رسائل لاجئ

تحية وبعد تحية فنجان قهوة، كـلون عينيك البنيتين، وخدك الناعم الأبيض كحمام الشام المتزاحم عند الجامع في الصباح الباكر..
تمايلي على رقصة تارانتيلا الشعبية الراقية كـرقة شعرك المجعد…!
تحية باردة كـبارود شارع الدبكات الشعبية في ساحات الأقصى، وأسواقها القديمة ..!
صوتك كصوت زقزقة العصافير الحنونة في بداية أيام شهـر مايو الطويل …!
تحية كعودة فدائي إلى أحضان أمه، تحية رائحة الدماء التي تفوح رائحتها كالياسمين في جرح غائر في جسد مقاوم شرس…!

أولا يا جميلتي: سأخبرك سرا، أنت يا جميلتي هويتي، وجواز سفري وبلدي،عندما تهجريننيِ كأن الوطن هجرني وجعلني ضائعا في الشوارع، أصلي يوميا لكي تنتهـي الليالي المظلمة في بلاد الغرباء، لقد مللت من رؤية الأشياء نفسهـا، فإنني أشتاق لنظرة تحييني من حيث كان…!
ماذا لو نظرت لي، وتخيلتك القدس

ثانيا: هل تدرين يا هوِيتي، عندما تزوريني دائما بين سطور أفكارِي وتشعلين ضوءاً مُنيراً بقُربهُ قُرآناً وكوفيـة كطيـرِ السلام الحائم فوق قبتها الذهبية …
فتحملين معك شعورا كشعورهـذه الآية: {سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} الآية 24 من سورة الرعد-

ثالثا: في لقائنا الأول في زقاق المخيم، رأيت بيدك هويتك الزرقاء…

عند عودتي إلى بيتي، حملت قلمي لكي أكمل مشروعا، لكن يدي كانت ترتجف وأفكاري تبعثرت ولم أتمكن من كتابة أي شيء.

كأنك سنبلة زرعت في وسط روحي، هل اللقاء الثاني سيكون على الحدود، ونحن نتجاوز السياج الفاصل بين لبنان وفلسطين ..!

رابعاً: الهوية الزرقاء.. تحزنك يا جميلتي، تقيد شرايين قلبكِ الرقيق، كربطة كلبشات بلاستيكية وضعها الاحتلال في يدي لأنني أحببتك وأحببت وطني الجريح وخالفت جميع أوامرهم الرخيصة…!

خامسا وأخيرا: في هذا الشتات والشتاء وصوت القاسي، كصوت الزينكو في ليالي شتاء المخيم، أستودعك رب الآرباب، خالق العباد وهازم الأعداء… استودعتك عند من لا تضيع الودائع عنده؛ حاشا له تعالى.

وعند ختامي يا جميلتي الرقيقة، اعتن جيدا بنفسك وحافظي جيداعلى مبدئك لأنني أسميتك هويتي الزرقاء اللاجئة، وعودتك وعودتي ستكون على تشابك قلبي وقلبك بختم فلسطين الأبية الشامخة الرضية…!
انتظري رسالتيِ القادمة لأجلك…

منى حسام

مدونة فلسطينية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *