وهزمناهم بإذن الله

قوة الانسان تكمن بدواخله

لم ينتهي زمن المعجزات مادام الله قد استخلف في بني آدم سنن التمكين من منطلق القدرة لا العجز،ومادام أبناء آدم مؤمنون بأنفسهم وقضاياهم،وآخذون بالأسباب وعلى قدر عال من الحكمة في تعاملهم مع الأحداث.
يقول الله تعالى :” فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ.(الآية 251من سورة البقرة)
أجد في قصة سيدنا داوود عليه السلام أبلغ معاني التمكين الذي يتعلق بالجانب الايماني وأثره القوي على مسار ومصير البشرية،باعتباره سلاحا صالحا في كل ميادين الحياة. فالعبرة ليست بضخامة الجسم ولا حسن المظهر ولا توفر المقدرة المادية، بقدر ما هي مرتبطة بالإرادة! نعم متى قررالإنسان أن يهزم الظروف ويكسر الحواجز ويخرق القواعد،فإنه قادرعلى التغلب عليها مهما كانت درجة استحالة ذلك…نعم الانسان قادر على المضي بعيدا حيث يستحق أن يكون،وحيث يريد أن يكون،وأؤكد على هذه النقطة “حيث يريد أن يكون “. لأن تجبر الظروف وقسوتها لن يكونوا أقوى من القوة الكامنة بداخلنا والتي وضعها الله فينا لكسر بعض قواعد الطبيعة التي ترسخ في أذهاننا أننا لا نستطيع تجاوزها أو العيش خارجها.
يقول الصحفي البريطاني جلادويل :” أنت لا تتمنى أن يولد طفلك ولديه صعوبات قراءة، ولكن يمكن أن تكون صعوبات القراءة هذه هي الدافع لعمل أشياء عظيمة “. ويستشهد بقصة المحامي ديفيد بويس الذي ترافع ضد مايكروسوفت وآي بي إم وانتصر عليهما،وكان سبب فوزه هو معاناته من صعوبة القراءة، فصعوبة القراءة تلك طورت لديه صفات تعويضية مثل سرعة البديهة والحفظ،وهما السلاحين الذين وقف بهما في وجه خصومه.
وسأسوق لكم في الاسطر الاتية بعض قصص التمكين الذي غيرت مجرى حياة أصحابها ومجرى تاريخ البشرية.
• لقد أجمع المؤرخون على أن إينشتاين ونيوتن كلاهما كان يعانيان صفات توحدية.
• توماس أديسون كان يعاني من صمم جزئي والذي بفضله لم تكن أفكاره تتشوش نتيجة الضوضاء الخارجية،وكان يعمل 18 ساعة في اليوم،وقد اخترع ما يفوق 1000 اختراع بما فيها المصباح وآلة عرض الصوت ومسجل الصوت والهاتف.
بيتهوفن قضى 25 سنة لا يسمع،واستطاع خلال هذه السنوات أن ينتج أفضل أعماله الموسيقية دون أن يسمعها.
هيلين كيلير الصماء البكماء العمياء التي تحدت كل هذا فتعلمت الكلام والخطابة والقراءة والكتابة بلغات عدة وحصلت على شهادة الدكتوراه وكتبت 18كتابا.

كرستي براون الذي أصيب بالشلل الدماغي ولم يستطع التحرك أو الكلام لأعوام،وفي يوم خطف طبشورة بقدمه اليسرى وبدأ يخط بها ويتواصل مع أهله،ليصبح من أفضل الكتاب والشعراء والرسامين في أيرلندا.

مصطفى صادق الرفاعي أصيب بالصمم وتعطلت لديه حاسة السمع، ولم تمنعه إعاقته من أن يحقق شهرة أدبية واسعة. إذ يعرف في الادب العربي ما يعرف بمدرسة الرفاعي، وهو قبلة الادباء ليومنا هذا.

أبو العلاء المعري الذي فقد بصره في الرابعة عشر من عمره وهو يتيم الاب عن عمر السادسة، فكان ذلك دافعا له لاعتزال الناس والابداع والتأليف. لقد كان أعجوبة عصره في البلاغة والبيان وعرف بأنه حكيم الشعراء وشاعر الحكماء.

طه حسين،عميد الأدب العربي الحديث والكاتب المصري الذي يعد تأثيره الأعظم بين الأدباء على كتاب مصر ومثقفيها،فقد القدرة على الإبصار في سن الثالثة، وهو أمرٌ وسم حياته بالمعاناة. وظهر ذلك في أعماله.

كل هؤلاء الاباطرة هزموا إعاقتهم وظروفهم وضعفهم وجعلوا من ذلك نقطة تحول فاصلة في مشوارهم المتألق،وأثبتوا لنا ولأنفسهم أن قلة الحيلة هي مربط الفرس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *