لعبة الأقنعة

هل ما نعيشه من علاقات يتوافق مع حقيقتنا؟

منذ نشأتنا في هذا العالم ونحن نعيش حياة يعمها مجموعة من الناس، وتحيط بنا عائلات يتوجب علينا احترامها وتقديرها، وفي بعض المواقف نضطر لوضع قناع يمشي على هوى الناس ومتطلباتهم إشباعا لغرائزهم، فعندما تحاول أن تزيل القناع لتظهر حقيقتك وشخصيتك الطبيعية، القوية والخلاقة تتلقى مجموعة من الانتقادات، وردودا سلبية ومهاجمات، لتضطر مرارا وتكرارا للجوء إلى النفاق والكذب. فهل ما نعيشه من علاقات يتوافق مع حقيقتنا؟

عند تجولي في مواقع التواصل الاجتماعي، أرى الكثير من الأقنعة تتمتع بشخصية رائعة، وتحرص على نشر أمور ممتعة تجذب الآخرين، منشورات مثيرة لجلب زر الإعجاب والتعاليق الجميلة. وإذا أردنا أن ننظر من زاوية أخرى فسوف نجد أن بعض الأشخاص يقومون بنشر أمور لا محل لها وخارجة عن السيطرة؛ حيث يتوجب على الناشر وضع قناعه الشفاف لكي يظهر بصورة أفضل أمام الغير الافتراضي.

لا أعلم حقيقة ما فائدة الكذب والتظاهر بالحب والحنان تجاه الآخر ونحن نعيش أزمة نفسية تمارسها علينا ضغوطات المجتمع وبعض تقاليده البالية. فعندما أعلم حقا أن الشخص يتبنى شخصية لا تعنيه ولا تمثله، أصدم حقا لأنه لا داعي لمثل هذه المواقف التي تمثل العالم بأوجه مبعثرة. والمراد أساسا هو أن نظهر طابعنا الشخصي المليء بالثقة، التعاون والفضيلة وغيرها من الصفات الحميدة، والتخلي عن صفات تعكس شخصيتنا وتلوح بنا فقط في الوحل .

كلنا نوافق أن العيش في الكذب يولد بالطبع شخصية مختلة حيث يصبح المرء في عالم آخر يصنعه بأفكاره الخاطئة، وعندما تكشف حقيقته ينزاح من الوسط الواقعي ليفرغ عن مكبوتاته النفسية التي يمكن أن يولدها ذلك النفاق الاجتماعي والكذب على النفس حيث يتزعزع كيان المرء ويبحث عن مصلحته الشخصية ويصاب بأمراض نفسية أخرى ناهيك عن أفكاره البليدة. وما دام الإنسان يعيش في مجتمع يتقن لبس الأقنعة الكاذبة فإنه لا شك سوف يتأثر كثيرا بهذه المظاهر ويصبح أكثر خطورة على الإيجابيين والبريئين، حيث إنهم لن ينجوا من تلك التعليقات السلبية التي تشجع على اتباع القطيع.

حسب رأيي، أرى أننا لا نحتاج لمزيد من النفاق والكذب بل يجب أن نكون على طبيعتنا وحقيقتنا وذلك لكي نستطيع إيصال رسالة إيجابية للعالم، كما أنه ستكون لنا القدرة في اتخاذ القرارات بدقة وقناعة تامة وعدم الشعور بالذنب تجاه الآخر. وأختم أخيرا بقولي، إن مواقع التواصل الاجتماعي تمثل فضاء خصبا لنمو النفاق الاجتماعي، كما أنها لا تعبر عن الواقع المر الذي نعيشه بل تجعلنا نطفو فوق صفحات شخصية تدعي أنها تمثل القدوة الحسنة للغير.

لعبة الأقنعة

عمران بهاوي

أمازيغي مسلم، طالب بالسنة الثانية بكالوريا مسلك علوم فيزيائية فرنسية ، أهتم بالعمل الجمعوي وأشارك في الفعاليات الثقافية التي تساهم في تطوير الذات ونشر الطاقة الإيجابية .