الكرامة أولا

عن الخيانة والغفران

لم أؤمن يوما بالفرص الثانية أو المتكررة والمستدركة، ولم أشهر يوما السكين في وجه شخص سبق له وقطع حبال الوصال والأمان بيننا ولم يعرها اهتماما، مهما كان هذا الشخص ومهما كانت خلفياته؛ لكنني فعلتها هذه المرة وتركت إيماني جانبا ووضعت الخوف أمام عيني…

خفت من كلمة الهجر فغفرت، خفت من الأفواه التي ستتحدث عني فغفرت، خفت من التجمعات التي سأكون موضوع أحاديثها ومحور نميمتها حيث ستتكرر جملة “لقد فُسخت خِطبة فلانة مرة أخرى” مرات ومرات، ولكنني غفرت… غفرت رغم كل التعاسة التي كنت أحدق فيها وجها لوجه وأعلم يقينا أنها ستلازمني طيلة حياتي ما دمت راضخة لها…

لم يسبق لي أن غفرت يوما ولا فكرت في ذلك بتاتا، لطالما كنت أمضي دون أن ألتفت خلفي ولا أعيره أدنى اهتمام فقد كنت مقتنعة أن الغفران سمة الضعفاء، لكنني لم أفعلها هذه المرة؛ هذه المرة غفرت رغم أن الذنب كبير وعميق، سامحته رغم خيانته لي حتى قبل الزواج، غفرت له ونسيت أن الخائن لا يعرف طريقا للتوبة، تركت كرامتي وكبريائي جانبا وابتلعت آهات الخيانة.

مشيت على جمرها الحارق وسكت رغم الألم، ابتلعت غصة المرأة المتملكة رغم مرارة علقمها وسكت، فضلت السكوت عسى أن يخرس المجتمع والجيران والعائلة ويكفون أذى ألسنتهم عني، لم أهتم لقلبي المحترق ولا لمشاعري المنكسرة الذابلة، اهتممت بالناس فقط حتى تكررت تلك الخيانة مرة واثنتين وثلاثا… بل حتى أصبح العد صعبا ونسيت أين وصلت فيه.

اندلعت النار المشتعلة بي وانفجر البركان الخامد بداخلي فأحرقا كل شيء من حولي؛ أحلامي مع رجل خائن، الفرح في عيون أسرتي على حساب تعاستي والأهم آمالي وحبي، لكنها أنبتت كرامتي من جديد، تلك الكرامة التي أقسمت أنها لن تسقط من جديد ولن تدنس أبد الدهر ما حييت ولو على حساب حياتي، أما هو فكان الله في عون من ستقتل بحبه بعدي؛ أعانها الله على قلب خائن ستصبر عليه باسم العادات والتقاليد التي تبيح للرجل بفعل ما لا يباح وتمنع على المرأة حتى المباح.

الكرامة أولا

Exit mobile version