معاناة عشرينية

الأنثى أكبر بكثير من مجرد عورة و"بكارة"

مقالتي هذه كتبت بكل ماتحمله الكلمة من معاناة نفسية لأي فتاة في سن الزواج، معاناة سببها الأهل والمجتمع .. فمثل هذه الظواهر التي تؤدي بالفتاة لمغادرة بيت أبيها واختيار طريق مجهول على أن تعود.. فلا تربوا أبناءكم كما تربيتم فزمانهم ليس كزمانكم ..

كونك عشرينية تحملين لقب فتاة عانس، وهذا بذاته لعنة بالنسبة إليهم .. لديك أحلام تطمحين لتحقيقها وأهداف تودين الوصول إليها، تملكين مواهب تحاولين تنميتها والاشتغال عليها، ترغبين في تعلم لغات العالم، العيش بحرية دون قيود، فقط ترغبين بحق الحرية كإنسان .. للأسف في مجتمعنا ليس للفتاة الحق في كل هذا، حقها الوحيد هو الزواج عند وصولها سن العشرين .. لا الأهل ولا المحيط يدعمونها ولو بكلمة تحفيزية بسيطة، لا أحد يراها إنسانا له الحق في كل شيء كما الرجل، لها الحق في الاختيار دون الرضوح لطلباتهم.

نحن أكبر بكثير من مجرد عورة و”بكارة”، أكبر من مجرد كائن يحتاج الاحتماء تحت رداء رجل أو كما يقولون تحت ظل رجل، كون الفتاة جميلة تحمل من الصفات ما يعجب أي رجل فعليها أن تفكر جديا في الزواج قبل أن تقل فرصها مع ازدياد عمرها أو فقدانها جمالها وإن صح القول عليها “إنقاذ نفسها قبل فوات الأوان”
نعيش في مجتمع ليس أكثر من مجرد كتلة من الجهل، يعيقون الفتاة عن العيش كما ترغب بمبادئها واستقلاليتها وكرامتها وطموحاتها .. يعيقونها عن النجاح والسير للأمام .. فنجد الأم المسكينة تبحث عن طرق غير شرعية من أجل أن تزوج ابنتها البكر والقيام بمختلف الطقوس كالسحر والشعوذة وما إلى ذلك لتزويجها … أين تودون الوصول بأفكاركم هذه و جهلكم هذا؟

سئمت مسامعي حقا تكرار كلمة الزواج، أ أنتم من ستعيشون مع ذاك الرجل أم أنا؟ أ أنتم من ستنجبون وتطبخون وتقومون بمختلف الأعمال المنزلية أم أنا؟ أ أنتم من ستواجهون تلك المشاكل الزوجية والحياة الروتينية المملة أم أنا..؟ بالطبع أنا وليس أنتم، لذا فما حاجتكم في مستقبلي، ما الذي يمنعكم من ممارسة حياتكم بدل التمعن في حياة الآخرين والتدخل في شؤون خاصة جدا لا حاجة لأحد بها ولا حق لبشر التعبير بخصوصها ..

أنا عشرينية كجميع العشرينيات أملك أحلاما كثيرة ومواهب أتقنها، أرغب في تقديم شيء للمجتمع لاحقا، أود أن أعيش لأجل شيء يشعرني بالاكتفاء الذاتي وليس مجرد كوني فتاة لاشيء خلقت لأجله سوى الزواج والإنجاب لأجل تكاثر النسل .. لا أجد تشجيعا ولو ممن وجب عليهم مساندتي .. بل الجميع يردد إنه سن الزواج لا تفتخري كثيرا بجمالك هذا لأن فرصك ستبدأ تدريجيا بالانخفاض، لا تعتقدي أن الرجل المناسب سيطرق بابك دوما .. وتلك “المناسب” فقط من منظورهم الشخصي فأنا لا أراه بتاتا كما ترونه أنتم ..

أعترف أن الزواج من بين أحلامي وليس في أولوياتي، أؤمن بقدراتي تماما كإيماني أن الزواج قراري وليس قرار أحد.. فعندما أجد ذلك الرجل الحقيقي الذي يستحق أن أتقاسم معه أحلامي وأناي، من يساندني عكس ماتفعلون أنتم، من يرغمني على المواصلة والمواكبة نحو تحقيق مطالبي، من يفرح ويفخر بأي نجاح حققته مهما كان بسيطا، باختصار من يراني إنسانا وليس عورة أو ناقصة عقل .. فحينها لن أتردد من مقاسمته حياتي والحصول على لقب متزوجة ..
نحن نعي جيدا معنى أن تروننا عورة فقط، ومعنى أن تنتظروا عقد قراننا بأي كائن يسمى رجل ..

لأمهات المجتمع، لكن يا كاملات العقل.. ألا ترغبن برقي فتياتكن؟ وبدل حصولها على لقب متزوجة -احتمال أن يتبعها بائسة- تحصل على لقب طبيبة أو مهندسة .. ألن تفخرن ببناتكن .. قفوا بجانبهن أو اتركوهن يعشن الحياة كما يردن وينعمن بالهدوء النفسي .. انشروا لها طاقات إيجابية، أشعروهن بالقوة وليس بالضعف والهوان .. كونوا أمهات حقيقيات وليس فقط لقبا تحملنه، كونوا واعين وتعاملوا مع بناتكن كإنسان في غنى عن أي أحد، فإن لم تكونوا لهن سندا فمن يكون؟ المجتمع؟ المجتمع الذي يراهن بنظرة دونية.. ؟

تبررون موقفكم هذا بالإسلام؛ عن أي إسلام تتحدثون وأنتم تهينونها؟ فلتقوموا بجولة في المحاكم ولتتفحصوا أغلبية النساء هناك منهن من أبرحها زوجها ضربا لأنه عاد إلى المنزل ليلا ثملا، منهن من تريد الطلاق لأن زوجها لا يعيلها هي وأبناءها، منهن من تشتغل داخل وخارج المنزل لتأتي ليلا منهكة فيقوم بسلبها قوت يومها الذي يعيش منه أبناؤها… هناك الكثير من الحالات الحية أينما ولينا وجوهنا نصادفها، فأين الإسلام في هذا ؟ ألم يأمر الله بالإحسان إليها والرفق والرحمة بها ..؟

أظهروا لنا الإسلام وتعاملوا معنا كما أمر الله عز وجل كي نكون نحن تلك المرأة العورة المنقبة لا يظهر جزء من جسدها جالسة في منزل زوجها دون الحاجة للعمل أو الخروج لأنه يعاملها بما أمر الله ويراها بتلك القيمة العالية، وكيفما كانت طبقتها الاجتماعية أو مستواها الثقافي تظل في أعينه امرأة كرمها الخالق فمن يكون ليهينها هو .. لو عوملت كما يجب فلن تضطر لتحقيق ذاتها كي تحيا لاحقا بكرامة، لو أعطاها المجتمع حقوقها وكان عادلا بينها وبين الرجل لما فكرت في الاستقلال الذاتي والعلو مرتبة على الرجل ..

معاناة عشرينية

شيماء شعبي

شيماء شعبي اثنان و عشرون عاما ، اتابع دراستي بالسنة الثالثة بكلية الاقتصاد و حاصلة على دبلوم في التسيير ، متيمة انا بالكتابة حيث اجدها متنفسي الوحيد في زحام حياتي و كذالك القراءة اللتي تزيدني إلهاما في التعبير .