إكرام لازالت طفلة

نبذة عن قضية البيدوفيليا بالمغرب - الطفلة إكرام مثالا

ربما نحن من الدول القليلة التي جعلت قضايا اغتصاب الأطفال بها خبرا يتداول بصفحات الجرائد ونشرات الأخبار الدولية؛ ليس بمقدورنا أن نقوم بردع هذه الجرائم الخبيثة بطريقة مباشرة، لكن بوسعنا أن نجعل من أقلامنا شرارات نارية نصوبها نحو كرة الثلج هذه، فلعلها تصيب بعضها إذا ما صوبت لها باحترافية، لكن غالبا ما تنطفئ بعضها أحيانا قبل بلوغها الهدف لاعتبارات كثيرة ومختلفة،لا يسعنا التركيزعلى معظمها.


الطفلة إكرام ذات الست السنوات، فقدت عذريتها خلال أجمل مراحل حياتها، مرحلة الطفولة، وهي في عز براءتها وفي عمر يعد في العادة عمر الزهور، قد لا نستطيع الإلمام بشكل متكامل وواضح بكل ما حدث معها، لكن بشاعة المشهد المتوحش لا ولن تنجلي عن ذاكرتها ولن تخف وطأتها على نفسيتها مهما بلغت من العمر.

يمكننا القول بمرارة أن ثمة خيرا خلف كل شر، فمع هذه البرعمة الصغيرة التي عرفت قضيتها ضجة كبيرة سواء من خلال الرأي العام المغربي أوالدولي وفي ظرف وجيز، جعلت لوهلة شعورا بالأمل والتفاؤل يتدفق الى قلوبنا وينبؤنا بإنصاف إكرام، لكنه سرعان ماتلاشى كلما غصنا أكثر في قضايا البيدوفيليا بالمغرب؛ إذ تشير إحصائيات رسمية للمرصد المغربي لحقوق الطفل نشرت سنة 2018، أن 80 بالمائة من حالات اغتصاب الأطفال لا يصرح بها أساسا من طرف الضحية أو عائلتها، فيما لو فصلنا في العشرين بالمائة المتبقية، فهناك حالات يتم التنازل فيها عن الدعوى إما بسبب الخوف من التشهير الذي قد يطال الضحية من طرف المجتمع، أو خوفا من طول المسطرة القضائية وعدم المقدرة المالية على توكيل دفاع، وفي بعض الأحيان -وهو الدافع المقزز- يتم التنازل مقابل حفنة دريهمات لا تساوي شيئا أمام وطئة العذاب النفسي والجسدي الملحق بالضحية.

لقد ذكرتني هذه النقطة بالذات بقضية البيدوفيل الكويتي، الذي تشير الرواية الأكثر حيازة لمعايير المصداقية، أن العائلة بمراكش تنازلت له مقابل حفنة مال.
إن الأنباء المتداولة بشأن تنازل والد إكرام عن الدعوى، إن صحت، فإنها ستزيد الطين بلة، وسنصير أمام احتمالين، لا يقل أحدهما عن الآخر قساوة، إما أن إكرام ستضطر لإكمال حياتها متظاهرة بأن لا شيء حدث، لكنها مشمئزة دائما من حديث الناس الناهشين الذين لا يقدرون إلا على التشهي، وإما ستحدث معجزة ما وسيكف الناس عن الحديث، لكن قلبها سيظل مكنا لجفاء ضامر تجاه والدها، واستنكارا أبديا لسلوكه.

ومن يدري، ربما كان وحده الاحتمال الأول هو الأصح، وعندما تصبح هاته الفتاة في سن يخول لها استيعاب “كلام الناس” -لا أتحدث طبعا عن شرفاء الوعي الذين احتجوا تفاعلا مع غصة وألم الأم- سيكون هناك رد فعل آخر قد يكون بشعا بكل تأكيد.
لكن، وأقولها بكل صراحة بدون لف أو خجل من واقعنا، هناك من قالوا من قبل عن فئة صارت في سن المراهقة الآن من ال935 التي رصدت في 2014 ، إنهم “مخنثون” وإنهن فاقدات للشرف، وكأن عضوا يمكنه أن يحدد شرف المرء، لا ياعزيزي، فأنتم والجانون من فقدتم شرفكم و‘نسانيتكم، ونحن يقع على عاتقنا وعاتق قضائنا تنظيف شرف الدولة من عقليات منهم أمثالكم.

ختاما، أهدي لإكرام وللأطفال جميعا، فلذات كبدنا، هذه الأبيات الجميلة، للشاعر عبد الله البسام وأقول لك، لست وحدك فقط استمتعي بطفولتك فأنت جميلة رغم كل شيء، أقلامنا وأكف الضراعة معك.

دموع براءتهم كانت كالأمطار
وتذكرت أطفالا صغارا من فلسطين المحتلة ماتوا على يد الكفار
وأطفالا آخرين من العراق ماتوا … خطفوا .. والله أعلم بكل ما بهم قد صار
رأوني الأطفال أرفع كفي لله
لأتجه لله بالدعاء لنسيم قد دخل الدار
وبدأت دعائي للأطفال البراعم الصغار
وقلت اللهم نجِ الأطفال من النار
وأدخلهم برحمتك جنات عدن
قد جرت من تحتها الأنهار.

إكرام لازالت طفلة

محمد حميدي

طالب و مدون