أطفال الشوارع في المغرب

ما هي الحلول والمبادرات للقضاء على هذه الظاهرة؟

يعاني أطفال الشوارع كثيرا من الألم النفسي والجسدي بجميع أنواعه، فبعد أن نبذهم المجتمع أصبحت الأرصفة، والحدائق العامة، وسقوف الكباري وأنفاق المشاة مأوى لهم، يحتمون بها من البرد والجوع…

في هذا التحقيق سأوضح بعض مآسي هؤلاء الأطفال، ومن ضمن الحكايات الكثيرة هناك طفلة تحكي عن طفولتها وكيف أصبحت طفلة بلا أسرة تحميها وتضمن احتياجاتها، تحكي الطفلة “هربت من منزل أبي بعد أن ماتت أمي وتزوج بأخرى وكانت تعذبني وتضربني كل يوم وبدون سبب وتجعل أبي يضربني أيضا بلا رحمة فاضطررت إلى ترك المنزل والبحث عن عمل، ولكن لم أجد أي عمل وأصبحت أقضي يومي في التنقل بين إشارات المرور في الشوارع على أمل جمع بعض النقود كي تساعدني على البقاء على قيد الحياة”.

ويحكي طفل آخر قائلا: “بعد موت أمي وأبي وجدت نفسي وحيدا بدون أهل، أخذني عمي لكي يعتني بي -أو هذا ما كنت أظنه- ولكن كان دائما يفضل أبناءه عني ويعاملني بقسوة شديدة هو وزجته، تعرضت للضرب والسب، وجدت نفسي خادما له ولأبنائه فهربت من البيت إلى حياة التشرد بلا طعام ولا حنان من أحد، خلالها تعرفت على بعض الأولاد الذين أخذوني لبيع المخدرات… ومات صديق لي بسبب أخذه جرعة زائده منها”

هذه القصص وغيرها العديد تظهر الوجه الآخر لشوارع وأرصفة العاصمة العلمية للمملكة المغربية مدينة فاس، حيث يصادفك هؤلاء الأطفال بملابسهم القديمة الممزقة والرثة ووجهوهم المتعبة من الفقر والمرض، يتسولون أو يبيعون أشياء بسيطة كالمناديل الورقية أو بعض الورود من أجل سد رمقهم؛ كم هي الحياة قاسية على هؤلاء الأطفال الذين يتمنون الموت في أوقات كثيرة!

وفي الوقت الذي تقف الحكومة عاجزة عن احتوائهم وإيجاد حلول لهم، انتشرت الظاهرة وتفاقم الوضع، وازدادت أعداد ضحاياها بشكل أصبح يهدد أمن المجتمع وسلامته، الأمر الذي أقلق مؤسسة الرعاية الاجتماعية وأيضا الجمعيات بكل أصنافها، فطالبت العديد من الجمعيات المسؤولين بالقيام بإحصاء دقيق لأطفال الشوارع، حتى تتمكن من العمل على تعليمهم ودمجهم في المجتمع.

وتشير إحصائيات منظمة اليونيسيف إلى ارتفاع مهول في عدد أطفال الشوارع في المغرب. هؤلاء الأطفال يعيشون حياة بائسة ويعانون من تفشي العديد من الأمراض فيما بينهم والتي تظهر في وجوههم الشاحبة وأجسامهم الضعيفة، بالإضافة إلى الكثير من الأمراض الأخرى التي يصعب علاجها في بعض الأحيان خاصة عندما ترفض الكثير من المستشفيات استقبالهم لعدم وجود أحد من أقربائهم أو عدم توفرهم على بطاقة شخصية، بالإضافة لعدم توفر مصاريف العلاج مما يجعلهم يتنفسون الألم على اختلاف ألوانه، وهذا يضيف مأساة جديدة إلى المآسي التي يعانون منها.

والمحزن في الأمر ليس فقط رفض المستشفيات لهم ولكن رفض المجتمع لهم ونظرته على أنهم مثل الحشرات لا يجب الاقتراب منهم، وهناك جانب آخر من المأساة وهي اختطاف بعض أطفال الشوارع لأخذ أعضائهم بلا رحمة ولا شفقة، والبعض يستغلهم في المظاهرات السياسية وغيرها؛ ولا يقتصر استغلال أطفال الشوارع في المغرب على السياسة فقط، بل أيضا يتم استغلالهم جنسيا، ويعد هذا الاستغلال الجنسي من أبشع صور الاستغلال والمآسي التي يتعرضون لها.

ويرى بعض المسؤولين أن الدولة يجب أن تضع خطة قومية تشارك فيها القوات المسلحة لفتح مدارس داخلية تضم هؤلاء الأطفال وتوفر لهم التعليم الجيد بجانب الاحتياجات الأساسية وأيضا تعليمهم مهنة يعيشون منها فيما بعد من أجل دمجهم في المجتمع ولكي يتمتعوا بكامل حقوقهم مثلهم مثل أي مواطن آخر.

أطفال الشوارع في المغرب

Exit mobile version