هل تقف أمريكا وراء انتشار أزمة “كورونا”

تساؤلاتٌ وشكوك متبادلة تدعَمُها بعض المعطيات والأدلة..

يشهد عالمنا اليوم أزمات خانقة في كل أصقاع الأرض، تتجلى في حروب دامت لسنوات وما زالت جارية حتى الآن؛ ولعلّ أبرز مثال هو أزمة الشرق الأوسط وليبيا وأيضا توترات سياسية، مثل أزمة الملف النووي الإيراني وكوريا الشمالية والصراع الهندي الباكستاني حول إقليم كشمير والنزاع المفتعل بين البلديْن الشقيقيْن المغرب والجزائر حول الصحراء المغربية، وأيضا الصراع السياسي الثلاثي بين تركيا واليونان وقبرص حول التنقيب عن الغاز الطبيعي بحوض البحر الأبيض المتوسط وأزمة الخليج التي تتجلى في حصار قطر، دون أن لا ننسى النزاع الصيني الأمريكي حول التجارة الخارجية وفرض العقوبات الجمركية، ولا زالت اللائحة طويلة جدًا للعديد من النزاعات الدولية العالقة كلها تؤثر سلبا على اقتصاد الدول وعلى العلاقات الدبلوماسية بينها. لكن خلال هذه السنة الجارية يعاني العالم من أزمة لم يسبق لها مثيل، وحظيَتْ بتغطية إعلامية عالمية واسعة جدا، إنها أزمة فيروس “كورونا” المستجد.

بالرغم من ظهور العديد من الأوبئة كإنفلوانزا الخنازير و إيبولا و إنفلونزا الطيور لم تؤثر على المجتمعات البشرية بشكل كبير مثل فيروس كورونا الذي فرض على العالم حجرا صحيا قاسيا، مخلّفاً لحد الساعة ملايين الوفيات والمصابين، موزَّعةً بالدرجة الأولى بين الصين وإيران وبعض دول أوروبا الغربية ثم دول أمريكا اللاتينية، والولايات المتحدة الأمريكية التي يتهم رئسيها الصين بنشر الفيروس في أرجاء العالم مُسمّيًا فيروس كورونا بـ”الفيروس الصيني” على حد وصفه. ورغم أن الولايات المتحدة هي من تملك الآن العدد الأكبر من قتلى “كوفيد19” إلا أن هناك العديد من الأسباب والمعطيات التي تجعلنا نعتقد بأن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن تفشي هذه الجائحة في العالم؛ إذْ أنها تملك سِجِلّا أسودا ضخما في علاقتها مع شعوب الأرض.

ويمكن اعتماد المعطيات التالية للتأكد من صحة ذلك :

سياسياً :

لا يوجد بلد أو منطقة إقليمية أو استراتيجية في العالم إلا وتدخّلت الولايات المتحدة الأمريكية في شؤونها بما يخدم مصالحها دون مراعاة الانعكاسات السلبية لهذا التدخل على شعوب المنطقة؛ فهي إذن تعمل على تحقيق التقدم والازدهار اعتمادا على حرق جثث معارضيها في العالم بأسلحة الدمار الشامل حتى و إن كان شعبا بأسره كما فعلت في العراق، وفي بعض الدول الآسيوية كأفغانستان، فهي تُمارس الإذلال على شعوب العالم عن طريق أنظمتها التي تزعمت السلطة بالمباركة الأمريكية كما يحصل في البلدان العربية وتريد لهذا الأمر أن يحدث في كل بقاع العالم، ولكُم أن تتساءَلوا لماذا يعارض الكونغرس الأمريكي الرئيس الفنزويلي الحالي مادورو؟، ولماذا تم الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي؟. ولماذا التصدي للمشروع النووي الإيراني؟، وأيضا لماذا الوقوف أمام التطور العسكري لكوريا الشمالية؟ بينما لا زال هناك مَن قتل ودمّر بلده وهجَّر شعبه باقيا في كرسي الرئاسة، ولعل أدَلَّ مثال بشار الأسد في سوريا.

يحدث هذا لأن الغرب يريد أن يجعل العالم ألعوبة في يده ولا يكتفي بفرض سيطرته بالقوة العسكرية والقمع والاستبداد فقط، بل يفرض ذلك بعولمته التي تهدف إلى تجريد شعوب العالم من ثقافتهم المحلية و تحويلهم إلى نسخ كربونية مشابهة له.

إنها قوة استعمارية لم يُشهَد لها مثيلٌ في التاريخ، إذ يعتبرها المفكر العالمي المغربي الشهير المهدي المنجرة بالميغا إمبريالية أي أنها قوة إمبريالية مضاعفة ألف مرة، موضحا ذلك في كتابه المعنون الإهانة في عهد الميغا إمبريالية” (اضغط على العنوان لتحميل نسخة رقمية من الكتاب)؛ فالولايات المتحدة تعتمد أسلوبا استعماريًا جديدا من صنعها الخاص للإمساك بالعالم في قبضة واحدة مهما كانت الظروف والوسائل المتاحة لذلك.

اقتصاديـاً :

إن القوة الاقتصادية الأولى في العالم التي تتحكم في صندوق النقد الدولي الذي يُفقر الشعوب أكثر مما كانت عليه، والتي تملك الشركات المتعددة الجنسية والبنوك التي توغلت في كل بقاع الأرض، فضلا عن العملة التي ارتبطت بها كل العملات الدولية، يتهدد عرشها الذي يقود الاقتصاد العالمي كلما خرج منتوج صناعي مطبوع عليه عبارة “صنع في الصين“؛ فالصين التي تملك أكبر نمو ديموغرافي في العالم وأسرع نمو اقتصادي عرفه التاريخ وأكبر احتياطي من العملات الأجنبية في العالم، وتُعتبر هي الدولة الوحيدة التي نجحت أعلى نجاح في جميع المستويات دون أن تأخذ قروضا مالية من البنك الدولي، أضحتْ كابوسًا حقيقيا يقُضّ مضجع الغرب في كل المجالات. وآخرها في قضية تقنية الجيل الخامس لشبكة الأنترنت 5G، إذ أن من سيملك هذه التقنية أولا سيتحكم في كل بيت من بيوت العالم وفي كل حكومات الأرض. ومعلوم عبر التاريخ أن الأقوى هو مَن يملك معلومات أكثر وفي عصرنا هذا الأقوى هو من يملك بيانات أكثر وهو من يمسك بشرايين Big-Data، كما أن 5G هي أسرع من تقنية الجيل الرابع 4G الحالية بـ 1000 مرة حسب الخبراء والمختصين.

لذلك فأمريكا تسابق البرق لكي تصل إلى هذه التقنية المتطورة التي ستمكِّنها من السيطرة على العالم من جديد، فبعد معرفتها أن الصين قد قطعت أشواطا في العمل على تطوير هذه التقنية وصرف مئات المليارات من الدولارات في ذلك، جُنّ جنونها، وبعد شعورها بالتأخر في هذا المجال نتيجة انشغالها بالحروب والنزاعات العالمية والإقليمية، قررت فرض عقوبات عام 2019 على الشركات الصينية الكبيرة مثل “هواوي” و”ZTE” وحظر دخول منتجاتهما للسوق الأمريكية.

في مايو 2020م تزعمت تحالفاً يضم 30 شركة غربية وأوروبية لمجابهة التفوق الصيني، لذلك فهي لا تريد أن تضيع فرصة الحصول على مبلغ 12 تريليون دولار من اقتصاد “أنترنت الأشياء” “Internet of Things” الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بشبكة 5G، فهي ترى بأن الصين ستأخذ “تاجَ عرش العالم” منها، لذلك تفعل المستحيل من أجل منعها.

وبالرجوع إلى ما قاله المفكر البروفيسيور المهدي المنجرة -منذ مدة- في دراساته الاستشرافية، نجد أن ذلك يتحقق بشكل تدريجي، حيث أكد قائلا: “كل شيء يدعو إلى الاعتقاد بأن الصينيين آتون ومعهم جنوب آسيا بأكمله، فالاقتصاد الأمريكي في تراجُع مضطرد؛ بحيث إن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون صرّح للقناة الأمريكية “CBS” في ديسمبر 1999 : ( نحن على علم بأنه ليس من الممكن أن نظل القوة الاقتصادية الأولى في غضون العشر سنوات المقبلة، فالصين ستُحقق تقدُّمًا ساحقا علينا و سنتراجع للمرتبة الثانية). إنه توقُّع يقوم على إشارات بداية الانحطاط. وما هو أخطر سواء تعلق الأمر بشخصٍ أو شعوب أو دول، هو أن المرء حين يحس بالنهاية الوشيكة فإن الذاتية والجانب العاطفي يتحكمان في العقلانية أثناء اتخاذ القرارات مهما كانت خطورتها، وحتى نعود للحالة الأمريكية، فالأمر يتعلق هنا بمرحلة، إذ يتم تخويف الناس، وزرع الرعب في أذهانهم حتى يصبحوا مطواعين. إنها مرحلة من التاريخ دخلنا إليها، وهي مرحلة فريدة لأن وسائل الدمار لم تكن كما هي عليه اليوم.”

من كتاب الدكتور المنجرة، “ الإهانة في عهد الميغاإمبريالية“، ص. 16.

وللتأمل جيدا؛ نخلُص إلى أنه في ظل كل هذه الأزمات التي تحيط بأمريكا من كل جانب، وعلى ضوء النزاع التجاري الصيني الأمريكي، ظهر فيروس “كورونا” ظهورا مفاجئا في مدينة ووهان الصينية التي تعتبر مركزا ثقافيا تاريخيا بامتياز لدى الصين، فضلًا عن أهمّيتها الاقتصادية، وقد ألحق بها ضررا كبيرا هناك.

وإن اعتقادنا بمسؤولية أمريكا عن تفشي الفيروس ليبدو في محله، فإذا رجعنا إلى سنة 1979؛ حيث صرح وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت مكنمارا أمام نادي روما قائلا: “إن الارتفاع الصاروخي لعدد سكان العالم يشكل أكبر عائق أمام التطور الاقتصادي والاجتماعي لهذا ينبغي علينا الآن -وليس غداً- أن نمنع وصول عدد سكان الكون إلى 10 مليارات نسمة “، ويرى مكنمارا أن هناك طريقتين لتحقيق ذلك، “إما بانخفاض معدل الولادات في أصقاع الأرض، أو بارتفاع معدل الوفيات، والطريقة الأخيرة يمكن تحقيقها بعدة أساليب، ففي العصر النووي يمكن للحروب أن تؤدّي الغرض بسرعة فائقة وناجعة للغاية وهناك أيضا الأمراض والأوبئة والمجاعة وهما سِلاحان مازالا موجوديْن حتى الآن.
وأما المجاعة والأمراض، فقد نالت إفريقيا وآسيا الحد الأقصى منهما، وأما الحروب فالشرق الأوسط يحكي القصة كاملة، سَلِ اليمن وسوريا وفلسطين والعراق ولا تنسى أن تسأل أفغانستان وليبيا أيضًا؛ لذلك فهناك احتمال كبير جدا بنسبة تفوق 80% يجعلنا نعتقد أن الغرب هو المسؤول الأول والرئيسي عن انتشار جائحة كورونا، وذلك من أجل إعادة بناء صياغة جديدة للعالم تمكّنه من التحكم وتجديد السيطرة بأسلوب أقوى مما كان أثناء انهيار المعسكر الشيوعي. وأكثر من ذلك، فإن روسيا وإيران قد حمَّلتا أمريكا مسؤولية انتشار الفيروس باستخدامها الطائرات المُسَيَّرة لذلك(1)، إذن فهي تعتمد على تكنولوجية متطورة في نشر الجائحة من خلال اعتمادها على الطائرات المسيرة التي تعتبر أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيات العسكرية، وهذا ليس بغريب فقد حذّر مؤسس الشركة العملاقة “مايكروسوفت” بيل غيتس في مناسبتيْن عالميتين الأولى في منتدى دافوس و تحديدًا في يناير عام 2017 والثانية في مؤتمر ميونيخ للأمن في 20 فبراير من نفس العام، من “خطر وباء عالمي قاتل قد يعتمده الإرهابيون”، من خلال توظيفهم للتكنولوجيا الحيوية في هجماتهم المستقبلية، وحذر من أن العلماء قالوا بأن “الأوبئة المحمولة جوّاً سريعة الحركة، سواء حدثت بشكل طبيعي أو عمدًا، قد تقتل أكثر من 30 مليون شخص في أقل من عام، كما أشار العلماء إلى أن هناك احتمالا كبيرا بأن يشهد العالم مثل هذه الأمراض القاتلة خلال 10 أو 15 عاما المقبلة”.

بالمقابل، أكد أيضا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تجاو ليجيان عن وجود إثباتات تؤكد على أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية هي من نشرت فيروس كورونا في الصين(2)، فهل يمكن لكل هذه البلدان أن تتهم واشنطن دون دليل؟. إنها حرب بيولوجية (guerre biologique) كما وصفها الرئيس الفرنسي ماكرون في خطاب له يوم 16 مارس 2020م حول حالة الطوارئ بسبب كورونا ببلاده مستخدمًا كلمة “حرب” في خطابه سبع مرات(3).

إذن؛ لا يمكن لأحد أن يعتبر أن هذه الأزمة غير مفتعلة وسقطت على رؤوس البشر بالصدفة، لا وجود للصدفة في عصرنا هذا، إذا كان هناك من يعتبر أن فيروس كورونا ظهر صدفة فإني أقول له إرجع إلى سنة 2015م وتحديدا يوم 23 يوليوز وستجد أن فيروس كورونا تم تقديمه لمعهد “بيربرايت” الأمريكي وتم اختراعه من طرف المخترعين الأمريكيين (إيريكا بيكرتون، سارة ساره، بول بريتون) ومن خصائص هذا الفيروس أنه مرتبط بالتهاب الشعب الهوائية المعدية (IBV)، وهو مرض شديد العدوى ومعدٍ من الطيور الداجنة الذي يتكاثر في المقام الأول في الجهاز التنفسي، وحصل هذا الإنجاز على براءة اختراع برقم ( 10130701 ) في 20 نونبر 2018 قبل أن يتم تطويره سنة 2019 وسُمّي بـ Covid19، وكل هذه المعطيات تجعلنا نعتقد ونقرّ بدون أدنى شك أن أمريكا هي المسؤولة الأولى عن تفشيه في أرجاء العالم.

هناك من سيعتقد العكس من خلال كون أمريكا تملك الآن أكبر عدد من ضحايا كورونا في العالم، فإذا كانت هي المسؤولة عن تفشي الفيروس، فهل يُعقل أن تدمر أمريكا شعبها؟، فمن غير المقبول أن تفتك دولة بشعبها الذي يعدّ أبرز مقوّمات وجودها ونهضتها.

إذا كان الأمر كذلك، هل يمكن لبلد أن يفجر ويحطم برجيْه اللذان يقودان اقتصاد العالم؟، أمريكا فعلت ذلك منذ زمن، ففي 11 شتنبر 2001، قامت بذلك الأمر ودمرت برجيها مع العلم أنهما مركَزَا وقُطبَــا التجارة العالمية بواسطة طائرة بدون طيار، بينما الكل اعتقد بأنها تعرضت لهجوم إرهابي، والكل ظن أنه من الحمق الاعتقاد بأن أمريكا دمرت برجيْ التجارة العالمية بنفسها، وهذا ما أرادته أمريكا بفعلتها هذه وهو ما جعل العالم يفكر بالطريقة التي تريدها هي.. مرَّتِ السنوات و تبيّن أن أمريكا قامت بذلك الأمر وخلقت حالة من الفوضى العارمة في العالم من أجل صياغة خطة جديدة آنذاك تمكنها من الحصول على السيطرة الكاملة على شعوب العالم. وفي حاضرنا الراهن، فقدت الزعامة في العديد من المجالات كما وضّحنا في مقالنا أعلاه، فلماذا نستبعد أن تكون أمريكا هي المسؤولة عن هذه الأزمة الحالية رغبةً منها في إعادة بناء تركيبة جديدة للأهداف نفسِها التي أحدثت من أجلها أزمة 11 سبتمبر 2001؟.

وليَكُن في علم القارئ المستبصِر أن الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها U.S.A اليوم على إثر مقتل جورج فلويد أزاحت الستار عن كون السلطات الأمريكية لم تعد تخشى على شعبها خرقه للحجر الصحي أكثر مما تخشى على نفسها من غضبه واحتجاجه في الشارع، اليوم في أمريكا وكأن أزمة كورونا غير موجودة،وكأن الفيروس اختفى.

هوامش

تم الاعتماد على (1) و (2) من الشبكة الإعلامية RT ARABIC الروسية.

تم الاعتماد على (3) من الشبكة الإعلامية FRANCE24.COM الفرنسية.

هل تقف أمريكا وراء انتشار أزمة “كورونا”

ملحوظة إخلاء المسؤولية :
الآراء والمواقف الوارة في المقال لا تُلزم أعضاء وقرّاء مدونة زوايا، بل تعني صاحبها فقط .. وبه وجب الإعلام والسّــلام!

يونس مدين

طالب شعبة الرياضيات و التطبيقات بجامعة بن طفيل بمدينة القنيطرة بالمغرب، عضو المكتب التنفيذي لمؤسسة المهدي المنجرة للفكر و الإبداع، مهتم بالشؤون التاريخية و السياسية و القضايا الدولية