أنت وحدك ولا أحد سواك

عن ندوب الحياة، تقرحاتها وعلاجها

يحدث أن تصل إلى مرحلة موحشة، مرحلة تستنزف كل طاقاتك التي ما كنت تستجمعها لبناء ذاتك وأحلامك، هي مرحلة أقصى نتائجها اليأس وأدناها الإحباط

هي مرحلة تشعرك كأنك جثة بائسة أو بمعنى آخر كائن غير مرغوب فيه، تشعر وكأنك مكبل بسلاسل صدئة يستعصي عليك فكها، والقفل ضائع في جوف بئر سحيقة لا يكاد يُبين في عمق ظلمات المياه، لا أحد قادر على جلبه او حتى محاولة جلبه، وتتمنى حينها أن يزورك الموت أملا في تهدئة تلك الجروح المقروحة المكبلة بالسلاسل الصدئة، لكن الموت بدوره يحجر رأسه قائلا: “دعك تتقرح وتتألم وتمتزج جروحك بصدأ السلاسل حينها تجد نفسك وحيدا”.

لا الموت ولا أي أحد آخر قادر على انتشال جثتك المسكينة ووضع بعض الملح على تلك الجروح لعلها تشفى رغم الألم الذي سيكون بعدها؛ ولن تجد أحدا بجانبك، فمن سيغامر لأجلك؟ لا يوجد، هذه هي الحياة لا أحد قادر على الشعور بك وبألمك ولا قادر على انتشالك من أشجانك مهما بلغت علاقتك به…

وحدك أيها المسكين، نعم مسكين لأنك كنت تنتظر أملا من كائن بشري هيكله الطين، إنهم أنانيون أيها الغبي وأنا أغبى منك لأنني أوهم نفسي بإرشادك إلى الطريق الصحيح، أعطي بعض النصائح لكي لا تثق في البشر وأنا في الحقيقة أحتاج إليها ربما أكثر منك، فأنا منحت الثقة  كسبت الخذلان في طبق شهي، مع مقبلات دسمة من النفاق والحب المزيف، ومع ذلك أنتظر يدهم آملة بأن ينتشلوني من أحزاني…

لكن لا وألف لا!! لن أنتظر شفقة من أحدهم لأنني رغم ذلك قوية وكرامتي أولا ، ربما أنافق نفسي بهاته الأقاويل وأدعي القوة ! لقد تهت أيها الغبي، هل تعلم؟ اترك لي مكانا بقربك ودعني أشاركك تلك السلاسل الصدئة، تربطني ويتقيح جرحي إلى حد الانفجار، فقط أرواحنا تشعر بما ولا يشعر بنا أرواحنا، دعها تخرج من كنفها لتجالسنا إلى حين أن يطيب الجرح.

أنت وحدك ولا أحد سواك

فاطمة الزهراء ابوالانوار

خريجة جامعة الحسن الثاني،كلية الأدب و العلوم الانسانيه محمدية ، أعمل حاليا كأستاذة اللغة الإنجليزية في القطاع الخصوصي ، و فنانة تشكيلة ، و عضوة جمعوية ،